الأمم العظيمة... صخر العزة

 الأُمم العظيمة بالأُسر القويمة

إن الله عزَّ وجلْ عندما خلق الكون ، لم يخلقهُ عبثاً ، بل وضع لكل شيء فيه قوانين وسُننٍ تسيرُ حسب مشيئته ، فنرى شروق الشمس وغروبها ، وبزوغ القمر وأفوله ، وكُل ذلك محكومٌ بميقاتٍ ومقدارٍ مُعين قدَّره الله لا يتعديانه ، فلا يُمكن للشمس أن تلحق القمر فتمحو أنواره أو تُغيِّرَ مجراه ، ولا يُمكن لليل أن يسبق النهار فيدخل عليه قبل انقضاء وقته ، قال تعالى في سورة يس – الاية 40 :{لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ولا يُمكن لميزان هذا الكون أن يختلَّ إلا بحكمة إلهية فمثلاً الزلازل والبراكين والفيضانات وهي من جُند الله ومن سُنن خلق الله في الأرض وخلقها من أجل توازن الأرض واستقرار القارات ، ونفعها أكثر بكثير من ضررها فبسببها تتشكل الجبال لتتخزن فيها الثلوج والأمطار لفصل الصيف ولتتشكل الأنهار التي تروي الحقول وتُضفي جمالاً للطبيعة ، ولولا الجبال لدارت الأرض حول نفسها دون دوران الغلاف الجوي ، وهذه الفياضانات والبراكين وغيرها من ظواهر طبيعية هي تذكير بعظمة الله ، وابتلاء لمن كفر بالله عزَّ وجل فيرسلها عقاباً لهم ، وهكذا فالكون بدون قوانين تنظمه وتسيره فكيف للحياة أن تستمر؟!! .، فالله خلق المخلوقات وأتقن خلقها وأحسنه وهو المُقدرُ لجميع المقدرات ، فهدى كُل خلقٍ إلى ما يُناسبه ، قال تعالى في سورة القمر – الآية 46 : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } فعندما الله خلق آدم واستخلفه في الأرض ، وانتشر بعده أبناؤه بني البشر ليعمروها ، فأرسل الله لهم الرُسُل والأنبياء ، كل واحد منهم إلى أمته ومعهم الرسالات السماوية لهداية أقوامهم إلى عبادة الله وتنظيم شؤون حياتهم ، وقد وهب الله عزَّ وجلْ الإنسان العقل للتفكير وسخَّر كل شيء في الكون لخدمته ، ومن القوانين والسُنن التي شرعها الله في كُتبه السماوية ليسيروا على هُداها في  التوراة إلى الإنجيل ومن ثم القرآن الكريم هي الأسرة التي أساسها ثلاثة عناصر الأب وهو الراعي لأسرته والأم التي هي مكملة لدور زوجها ولا يقل دورها عن دوره ثم الأبناء الذين يكون صلاحهم بصلاح آبائهم وتوجيهاتهم ، والأُسر بمجموعها هي المجتمع ، والمجتمع هو الأمة ، فالأسرة هي بناء متكامل بحد ذاتها وحسب مكنوناتها الثقافية والدينية سيكون لها دور بارز في تكوين المجتمع وتطوره وازدهاره ، ولا نغفل دور كل فرد في استمرار الأسرة وبقاء أواصر الود والمحبة بينها ، فإن لكل أسرة دورها في تمتين أركان المجتمع وتثبيت أواصر الإتفاق والود بين أفراده ومكوناته المختلفة ، ومهما كثُرت المشاكل والخلافات بين أفراد الأُسرة الواحدة تبقى الأُسرة هي الملاذ والملجأ الآمن والمحراب الذي يتوجه إليه حين تواجهه أي قضية أو معضلة ، ولهذا فأيُّ خلل في نظام وقوانين هذه الأُسر سينعكس على الأمة كلها ، ففساد الأسرة وتفككها هو فساد للأمة  كلها لقد  أحببت أن أتحدث في موضوع الأسرة الذي يصادف 15 أيار من كل عام ، لما نراه من حالات طلاق وعنف وتفككٍ أسري ، ويهمنا في ذلك ، الأسرة العربية والمسلمة التي يجب أن يكون قوامها ونشأتها معتمدة على نهج الله عزَّ وجل الذي شرعه لنا بكتابنا الكريم ، ولو اتبعنا تعاليمه بحرفيةٍ لما وصلت أسرنا إلى حالات التفكك والطلاق وتشرد الأبناء ، ولهذا يجب علينا أن نتعرف بداية على أسباب العنف الأسري الذي نشهده ونرى تزايده في الوقت الحاضر ، والعنف الأسري هو مشكلة عانت منها المجتمعات بغض النظر عن الديانة أو الثقافة السائدة فيها ، وهي من الظواهر القديمة التي عرفها المجتمع البشري على مر التاريخ .

إن العنف الأسري هو صورة أو نمطٍ من أنماط واستخدام الغير الشرعي للقوة لفردٍ من الأسرة أو اكثر ، وتتنوع أشكال العنف الأسري فمنه الأذى النفسي، والأذى الجسدي، والأذى الجنسي ، وأسباب هذا السلوك هو الإحباط واليأس والإضطرابات النفسية اللاشعورية ، فيُفرغُ هذه السلوكيات بصورة عنيفة تعويضاً له عن نفسه المريضة ، وأرجع أسباب وعوامل العُنف الأسري إلى الأمور التالية :

أولاً : الجهل : فالجاهل عدو نفسه ولتعويض النقص الذي هو فيه يعوضه بالعنف بأشكاله.

ثانياً :  عدم العلم بالحقوق والواجبات قد يكون من جانب المرأة نفسها، وقد يكون من جانب الشخص الممارس للعنف ،  لجهلهم بما يُمليه عليهم الشرع والأخلاق الإسلامية ومفاهيمها .

ثالثاً :  عدم علم المرأة بما لها من حقوق وما عليها من مسؤوليات، وعدم علم الشخص الممارس للعنف بتلك الحقوق فيترتب على ذلك التجاوز وتخطي الحدود التي شرعها وسنَّها الله لعباده .

رابعاً : تدني المستوى الثقافي لدى الأسر والأشخاص على حد سواء، والتباين الثقافي الكبير بين الرجل والمرأة، ولا سيما في الحالة التي تكون فيها المرأة ذات مستوى ثقافي أرفع من الرجل، فيتكون لدى الرجل حالة من النقص يلجأ إلى تعويضها من خلال استخدام العنف ضد الزوجة أو الأبناء .

خامساً : -التربية الخاطئة التي يحصل عليها الشخص في المجتمع الذي ينتمي إليه والأسرة التي يعيش وسطها والتي تجعله يرى أن العنف أمر طبيعي لا ضرر منه يحدث في جميع الأسر والمنازل، وقد يكون عائل الأسرة قد نشأ على السلوك العنيف منذ نعومة أظفاره ، فسلوكه هذا ينعكس على ما حوله ويؤثر فيهم .

سادساً : الإضطرابات النفسية الكامنة في نفس الشخص الذي يقوم بالعنف، ، مما يدفعه إلى إخراج هذا الكبت في صورة سلوكيات عنيفة داخل الأسرة وتجاه أفراد أسرته . 

سابعاً : الوضع الإقتصادي الذي يؤثر سلباً على مستوى المعيشة ، التي قد تؤثر على بعض الأشخاص فينتهجوا سلوكيات عنيفة ضد أُسرهم .

ثامناً : عدم إمكانية تحقيق الذات بسبب الأحوال الإجتماعية المحيطة به ، كعدم وجود عمل مناسب له ، وعدم توفر الفرص التي ينشدها لتحقيق طموحات معينة في نفسه ، فكل هذا يؤدي إلى الكبت والضغط النفسي الذي يفجر فيه حالة العنف فتُصيب أقرب الناس إليه . 

تاسعاً : أثر العادت والتقاليد المجتمعية في نفوس بعض الأفراد كالتمييز بين الجنسين ، والتقليل من شأن المرأة وتحجيم منزلتها ودورها في المجتمع ، والمرأة في الدين الإسلامي هي نصف المجتمع الإنساني وهي صانعة الأجيال ، ودعا رسولنا الكريم إلى اهمية تنشئة البنت وعدم إدخار أي جهد في سبيل ذلك ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة رضي الله عنها في صحيح مُسلم : ( مَن ابتُلي بشيء من هذه البنات فأحسَنَ إليهن، كنَّ له سترًا من النار ) .

عاشراً : الأفكار الغربية والقوانين الواردة تحت مسميات مدسوسة شعارها جميل  وباطنها سموم كدس السُم في الدسم ، وخاصة تأثيرها على المرأة ، وأن الكثير من أسباب تنمُر المرأة ونشوزها يعود لهذه الأفكار الهدامة التي الهدف منها تدمير الأسرة المسلمة وبدمارها دمارٌ للأمة جمعاء ، ويريدوننا كمجتمعاتهم المنُحلة ، فالعلاقات الاجتماعية في الغرب تكاد تكون معدومة ، لا مكان فيها إلا للعمل والمصالح فقط ، وحتى على الأبناء مع أُسرهم شبه معدومة  ، وحقوق المرأة المسلمة في الدين الإسلامي عظيمة لن تجدها في أي مجتمع آخر ، فالمرأة في المجتمع الإسلامي هي أسعد وأطهر وأعفَّ إمرأة على وجه الكرة الأرضية ، وهي مصونة ومحفوظة حقوقها لا أحد يستطيع أن يتجاوز حدود الله في إعلاء شأنها وقدرها  ، ولها دورها الكبير في تنشئة الأجيال ، ولهذا كانت سهامهم المسمومة موجهة لها .

بعد هذه العُجالة عن عوامل تفكُك الأسرة يجب علينا  معرفة مفهوم الأسرة بالمنظور الإسلامي مُستعرضاً بذلك  آياتٍ عظيمة  من الله عز وجل وأحاديثٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو اتبعناها لبقيت أمتنا بخير وصلاح ، ولكن تعلقنا بكل شيء يأتي من أمم الضلال والكفر وإتِّباع ما يرسلونه وتقبُلنا له دون دراية وتمحيص أوصلنا إلى ما نحن فيه ، فكمال أسرنا وصلاح مجتمعاتنا بالاقتداء بالآتي : 

 أولا :قال تعالى في سورة الروم – الآية 21 : {   وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}

ففي هذه الآية خِطابٌ إلهي موجهٌ للرجل لأن حواء خُلِقت من جنسه فليست من الجن أو من الملائكة أو من أية مخلوقات أُخرى ، فلو كانت من غير جنسه فلن يكون السكون والمودة والمحبة ، فهي خُلِقت من ضِلعِ آدم حتى تتقارب الأرواح ويحنو بعضهم على بعض ،وكُل واحد يُكمل الآخر بما شرعه الله عزَّ وجلْ .

ثانياً : قال تعالى  في سورة البقرة – الآية 187 : {  هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }  

إن الله جعل المودة والرحمة بين الأزواج ، فعلى الرجل أن لا يمسَّ زوجته بسوء لأنها جزءٌ منه ، وفي هذه الآية يوضح للرجل - أن زوجتك هي سترٌ لك وأنت سترٌ لها - والزواج يمنع الفجور ويُغني عن الحرام ، ففي هذه الآية تصوير بليغ عن قوة المشاعر المتبادلة من حميمية الوصال مثالها العفة والمحبة والرحمة بين الطرفين .

ثالثاً : قالى تعالى في سورة البقرة –الأيات [34-35]: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَالَّلاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا(34)وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا(35)}.

من سُنن الله عزَّ وجلْ في الكون إن جعل لكل أمةٍ قائداً يقودها ، فنرى في عالم الحيوانات الأسود يكون في مقدمتها قائدٌ عليها ، وأسراب الطيور المهاجرة ، والنمل والنحل وغيرها من الكائنات الحية الأخرى ، فلا توجد أمةٍ بدون قائدٍ يقودها ، والأسرة قائدها الرجل التي أوكله الله بها وجعل القوامة له ، فهو الذي على عاتقه إدارة أسرته وتربية أبنائه وتحمل مسؤولية نفقتهم وسكنهم ، والمرأة شريكة له في إدارة الأسرة وتربية أبناءه في حال غيابه ، وأن تكون مطيعة له بالمعروف وشريكة له باتخاذ القرارات سواءٌ أكانت كبيرة أو صغيرة ومهمة تنفيذها هو الموكل بها ، لأنه الأقدر على التحمل بدنياً أو نفسياً أو معنوياً ، وهذا نظامٌ إسلامي ساد عبر العصور ولم يكن أحد يشكو منه ، لأنه مبنيٌ على أُسسٍ متينة شرَّعها الله ، وعلى الرجل أن يتذكر أن القوامة تكليف ، ولم يُعطها للرجل لأنه هو الأهم ، وقد أمرك الله بتأديتها لأن الإستقرار هو الأهم ، فاتقِ الله في زوجتك وفي أبنائك ، وعلى المرأة ان تتذكر أن القوامة أمرٌ شرعي عليها التعاطي معه بالتعظيم ، وإن وصلت الأمور بين الزوجين إلى طريق مسدود ، فأُبيح الطلاق مع أنه مكروه عند الله عزَّ وجل ، وذلك توسعة على عباده ، ولا يكون الطلاق دُفعة واحدة ، بل يكون على مراحل حتى يُعطي الطرفين الفرصة للتفكير ومراجعة النفس ، ويؤدي الطلاق إلى تفكك الأسرة وتشرُد الأبناء ، وكذلك أباح الله التعددية ، ولها أسبابها أيضاً ودوافعها ، ولكي يُبعد الرجل عن طريق الحرام .

رابعاً : قال تعالى في سورة الإسراء – الآية 23 : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا } .

في هذه الآية تحُضُّ على عبادة الله وعلى طاعة الوالدين ، وعدم التعامل أو التحدث معهم بشكل جاف ، والطاعة بما أمر الله ، إلا إذا كان بمعصية لله ، وقد دعا الله إلى بِرِّ الوالدين حتى لو كانوا غير مسلمين ، قال تعالى في سورة  لقمان – الآية 15 : { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .

خامساً : قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم في حديثٍ صحيحٍ لأبي هريرة رواه الشيخان : ( استوصوا بالنساء خيراً ) .

لقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر خطبة له قبل وفاته برسالة موجهة للرجال من أزواجٍ وآباء وإخوة بأن يستوصوا بالنساء وأن يُحسنوا إليهن ولا يظلموهن ، وأن يؤدوا لهن حقوقهن ويوجهوهن إلى الخير .

سادساً : عن عائشة أم المؤمنين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – رواه أبو داود:     ( إنما النساء شقائق الرجال ) .

وهنا يوضح الحديث أن النساء هن جزء من الرجال وشُققن منهم ، فهن نظراء الرجال بالخلق والطباع وهن مثيلات الرجال فيما شرع الله، وفيما منح الله لهن من النعم، إلا ما استثناه الله فيما يتعلق بطبيعة المرأة ، وطبيعة الرجل .

نستشفُّ من هذه الآيات والأحاديث ما شرعه الله لتكوين الأسرة المسلمة إذا ما اتبعت ما ورد فيها من تعاليم عظيمة جلية وسامية ، وإن ما يحدث الآن من تفككٍ وعنف أسري وطلاق وتشرد الأبناء ، عائدٌ إلى ألأفكار الدخيلة على مجتمعنا والتي خصّت النساء بمفاهيمها المسمومة وأثرت عليهن تحت مُسميات براقة عن حقوق المرأة وحقوق الطفل وغيرها من مسميات أخرى وهدف هذه التشريعات والأفكار التي ألغت دور القوامة والإدارة للرجل والهدف منها هو هدم الأسرة المسلمة التي هي عماد الأمة ، فالمفهوم الغربي يقوم على مبدأ ( أنا وأنت ) وإن العلاقة بين الزوج والزوجة عُلاقة ندية ، ولا سُلطة فيها لأحدٍ على الآخر ، وكما فعلوه أيضاً بقانون حقوق الطفل ، حيث لا يصبح سلطة للأبوين على أبنائهم ، وهذا المبدأ المتبع أدى إلى نشوز النساء ، وأنِفت الطاعة وأنهت مبدأ القوامة الذي شرعه الله عزَّ وجلْ ، فأدى ذلك إلى عجز الرجل عن إدارة أسرته وبهذا تتفكك أعظم منظومة في الكون وهي منظومة الأسرة ويؤدي ذلك هزيمة الحُب والمودة وضياع السكن والأُنس ، وبالتالي يؤدي إلى ضياع الأبناء وتفكك الأُسر وانحدار المجتمع ، وسقوط الأُمة .

وختاماً أقول أن حياة أي أسرة بصلاحها يقع عاتقه على الأب أولاً ثم الأم ثانيةً ، والإبن يُفطر على ما نشأ عليه أبواه فطبيعة حياته تكون مُتشربة من تعاليم والديه من دين ٍ وخُلُقٍ وتربية وتقاليد ، وهي التي تؤثر على سلوكياته ومختلف اتجاهاته ومعاييره ، ولهذا فإن أساليب الوالدين لها الأثر الكبير على الأبناء ، فإذا كان الآباء منحرفين وغير سويين ستكون من أخطر الأمور على الأبناء ، فمنبع الحق والباطل والخير والشر يبدأ من البيت ، ثم المدرسة فالمجتمع ، فالمسؤولية الأولى تقع على الأب في تربية الأبناء وتعليمهم القيم الرفيعة والأخلاق الحسنة ، وليس التركيز فقط على مستلزمات الحياة فصلاح الأسرة بالأب وأخلاقه وأفعاله التي تنعكس على أسرته ، وكما قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله : الصلاح من الله ، والأدب من الاباء ، وأختم ذلك بأبيات من الشعر للشاعر السوري أبو الهدى الصيادي عن الأسرة والحفاظ عليها :

              حبي لأهلي وأولادي وعائلتي                 ومن يلوذ بأهلي حب ذي شيم

              فمن أحبهم أحببته علنا                         وباطناً وأنا ضد لضدهم

             الأقربون بهم أوصى الإله وذا                 سر لعارف معنى وصلة الرحم

 


 

صخر محمد حسين العزة

عمان – الأردن

17/5/2023

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سافرت نحوك....بقلم عيسى جرابا

قل لي يا قلم… كلمات الشاعر نافز ظاهر

اجازة... علاء، عطية علي