كتبت لها… بقلم الشاعر وليد. ع.العايش

_ يوميات رمضان _
_ ٢٤ _
_________
كتبت لها :
عندما نزعتني من قلبك في تلك الليلة ، كان القمر يحيي ليلة القدر ، والشمس تكشف النقاب عن محاسنها المثيرة ، بينما هدأت عاصفة ثلجية كانت تحضر حفلة رقص شرقية ، وهدأ معها موال الراعي ، وأنين الناي ، وصوت مؤذن الجامع ، أما الشجيرة التي قضينا تحت فيئها آخر لقاء فكانت تذرف بعض الدموع على انزواء ...
أتذكرين ...
يومها اسقطت الرابية ترابها عنوة ، هل فقدت شيئا من عذريتها ، أم أنها كانت تحاول الصعود من جديد ببعث تحلم به منذ أن افترقنا .
أمسكت بيدك اليمنى ، بينما اليسرى تلتف حول عنقي ، أصابني الخجل حينها ، حاولت انتزاع نفسي من براثن النزوة ، والشهوة ، كنت أحاول العبث بشعرك بعيدا عن عيون الريح ، لكنها أبت أن تخرج من ظل روح تنام على شغف اللقاء .
لم تكن شفتاك قد أينعت بعد ، مازالت طازجة ك برتقالة في حقل والدي ، لكنها ساخنة جدا كانت ، فأيقنت بأن الموت على ثغر امرأة يعادل موتا على جبهة قتال ملتهبة ، طير مزخرف ك لوحة من لوحات بيكاسو يناظرنا ، يراقب ثم يبتسم ، أعتقد أنه لم يكن خبيثا في تلك الأمسية ، فهو أيضا يملك حبيبة في عش قريب .
أتذكرين ...
يومها أخبرتني بأنك مسافرة لوقت ما ، وبأن عودتك ستحمل راية النصر ، وتوجهت بالدعاء إلى السماء ، فعاود الطير ابتسامته ، أتراه كان يعلم مالم أعرفه ، أم أن للطيور لغة تختلف عن لغة الجسد لدى البشر ، قلت بأني سأبقى انتظر هنا ، لن أبرح المكان كثيرا ، سأحاور الطيور ، وكل من يمر صدفة ، كان الحلم مازال أكثر شبابا مني ، رجل عبر ذات يوم ، حوار طويل دار بيننا ، حدثته عن كل شيء ، إلا عنك ، لكنه كان يعلم بأنك على الطرف الآخر من الحياة ، أوحى إلي بشيء ما ، فأوجست خيفة منه ، فاضطر للمغادرة دون جواب .
أتذكرين ...
عطرك مازال يعتنق قميصي ، وحمرة شفاهك تداعب بقاياي ، فتحة الصدر تغني لي أغنية الرحيل ، هل فقدت صوابي ... لست أدري ...
عقود من الزمن مرت من هنا ، والكثير من البشر ، والذكريات ، أمسى شعري أبيضا ك الثلج المندوف في كانون ، نسيت الدرب إلى بيتنا ، نسيت بأن لي يدا تتحرك إن أردت ، وثغرا يستطيع الصعود إلى قمة الرابية التي مازالت ترافقني في صمتي ، جسدي البارد يحتاج إلى الماء كي يسرع بالذهاب إلى المقبرة القريبة ... لتبقى أجسادنا شبه عذراء ...
كتبت على جذع الشجرة : ( الحب يأتي مرة واحدة ، والحياة تأتي فجأة وتذهب فجأة ) ...
حضر بعض الرجال ، كانوا يحملون صندوقا ، وثيابا بيضاء ... كنت أظن بأنك ستغرقين ، لكن غرقت أنا ...
أتذكرين ...
_________
وليد.ع.العايش
٢٤ رمضان / ١٤٤٠

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سافرت نحوك....بقلم عيسى جرابا

قل لي يا قلم… كلمات الشاعر نافز ظاهر

اجازة... علاء، عطية علي