جميلة وشياطين الانس… بقلم الاديبة سياده العزومي
الحلقة العاشرة
جميلة وشياطين الإنس
لسياده العزومي-سقراطة
اقتحمت جميلة المكان
وكأنها تعرف طريقها إلى نهاية
الطرقة وصعدت سلما للدور العلوى،
وقفت أمام باب حجرة
مغلقة، أسرع الأعرج ووضع الصرة
وأخرج المفاتيح من جيبه .
أتت إحداهن تفوح منها رائحة
الخمر وتترنح في جسدها.
دارت حول جميلة ونظرت إليها
نظرة طولية بعين يكاد
يغلقها السكر مشيرة إليها بإصبعها
وبلسان ملجم مثقل بالكلمات قائلة:
- لا أعرف ماذا يعجبه فيك أيتها
الحمقاء البلهاء المتعجرفة؟!
مسكت جميلة من خديها ضاغطة
عليهما بأصابعها. وبلسان شيطان
ملتهب الغيرة وهي تمر بكأسها على
شفتي جميلة. ومن تحت أنياب
حقدها وهي تعض على الكلمات
قائلة:
- نفذ الصبر مني.. اعلمي لن تبقي هنا
كثيرا، سوف أتولى أمرك بنفسي.
جميلة تقف حاملة طفلتيها دون أن
يظهر على ملامحها أي أثر لكلامها،
فما زال الغيظ يكسو وجهها،
والنيران تشع من عينيها. ومن
خلفها الأعرج محملق العين مفتوح
الفم، كأنه مسحور ينظر ماذا فاعلة
جميلة بها.
أفاق من سحره على صرخة راقصة
الكأس حين سحقت جميلة بحذائها
طرف قدمها، ثم تركتها جميلة
متمتمة بنظرة يملؤها الاحتقار:
- لست أنت قضيتي
سبتها راقصة الكأس بأنها بلهاء
متعجرفة، تركتها وهي تجر قدميها
بملامح وجه تقلص فيه الألم ونزلت
الدرج...
استدارت جميلة بعين ملتهبة الغيظ
إلى الأعرج. اضطرب الأعرج
وسقطت المفتاتيح منه على الأرض،
وسقط وراءها هو الآخر والتقطه
في عجلة.
فتح الباب بيد ارتعش فيها الخوف
والاضطراب ثم أشار لها بالدخول
ناطقا بعض الكلمات كالعادة الحرف
الأول والأخير والحروف الوسطى
تسقط في زمن التهتهة، كأن كلماته
يصعب على نفسه معرفة معناها ،
دخلت جميلة، وسرعان ما ألقى
الصرة خلفها وأغلق الباب من
الخارج والتقط أنفاسه حمدا لله
على أنه أصبح بينه وبين
هذه المرأة المسكونة حاجزا.
دخلت جميلة حجرة بدايتها طرقة
طولها متران تقريبا،
على اليمين حائط مشترك وعلى
اليسار حائط الحمام، في الحجرة
ثلاجة مكتب وسريران بينهما
منضدة ونافذة ألوميتال،
بعرض الغرفة من أعلى الجدار،
مؤمنة من الخارج بحديد كريتال
وستارة سميكة تغطى وجه الشمس
نهارا وتجعل الغرفة في ليل دامس
في أعين وفكر النائمين. بركت
جميلة ووضعت طفلتها الكبرى على
السرير ثم الرضيعة، أسرعت لتغلق
باب الغرفة من الداخل، فلم تجد له
أقفالا ، حاولت وضع شيء خلفه
فلم تجد، بدأت الرضيعة في
الاستيقاظ أسرعت وألقمتها ثديها.
هل تنام جميلة؟
وأنفاس الماضي كلهيب ظهيرة
صيف حار في صحراء جرداء،
والحاضر محتل من الفساد
والضياع، والغد مجهولة ملامح
الخير والصلاح فيه..
كيف تنام جميلة؟!
والأفكار تعوي ككلاب مسعورة في
رأسها، تنساب المصاعب فوقها
كانسياب المياه من فوق قمة جبل،
وتتحرك أمامها كشريط سينمائي
في عرض حصري، ومن خلفها
كلمات الشيخ موسيقى تصويرية
تفجر روح الإرادة والمقاومة في
نفسها، لم تجد ملجأ من قسوة ظلم
أهل الأرض غير رحمة السماء، تزداد
يقينا برحمة الله التي وسعت كل
شيء، عندما تنظر إلى الرحمة التي
وضعها الله في قلبها لطفلتيها، ربتت
على نفسها بذكريات الطفولة،
وأخذت بيديها إلى عالمها
استنشقت رائحة أمها وأبيها عندما
كانت لا تعلم عن العالم شيئا إلا
أسرتها لم تخف من الغد أبدا.
الحاضر بكل ما فيه.. هو حلم الليل
مع الملائكة.
وحديث الغد.. للأم والإخوة
والأصدقاء، الأفق لا حدود له
والفضاء واسع جميل والسماء
صافية والأرض تحاكي بركات
السماء بخيراتها والشمس تداعب
سنابل القمح
بلونها الذهبي وحقول الحلبة
الخضراء تفوح منها رائحتها،
ومذاقها.
والمياه الصافية تجري في القنوات
مسرعة؛ لتروي الزرع. وهناك في
قلب الحقل أبوها ألبسه الطين حذاء
حتى ركبتيه تتساقط قطرات
العرق كاللؤلؤ من على جبينه ينفث
العزيمة في يديه ويمسك فأسه
وبكل قوة يضرب الأرض لا ضيقا
منها بل حبا لها يجدد الهواء بين
ذراتها لتجود بخيراتها ...
ما أجمل الحياة بين الصفاء والعطاء،
هدأ الحاضر قليلا بكل أفكاره
المسعورة والمجنونة، وجلس في
صالة العرض الحصري للذكريات
حتي غفل في جميلة فغفلت وهي
بين سنابل القمح تحلق بروحها مع
الأم ،الأب، الإخوة، والجدة
العجوز ...
وهنا في قلب بحر ظلمات الحاضر
تغرق وتضم الرضيعة إلى صدرها،
وطفلتها الكبرى بين ساقيها ،صاحب
القبعة ورفاقه يعتدون عليها،
يمزقون ثيابها والحاضر،
والمستقبل، يلقونها وسط ضحكاتهم
وضحكات شياطين الجن بين
السيارات في ظلمة وظلم الشوارع
ممزقة النفس والجسد منكوشة
الشعر والفكر تتخبط في مرارة
واقعها، تقف وتسقط، سائق البرق
واللامبالاة انحراف السيارة للعودة
إلى البلدة وانقباض قلبها وتملك
الرعب منها، قبلة كبير
شياطين الإنس لها على الهواء
وعضها على أنفاس الألم، راقصة
الكأس، نبرات الغيرة
والحقد ،الأعرج ، ظلمة الطريق
والواقع، زئير الرياح، عواء الذئاب
، نباح الكلاب، وفى الجانب الشرقي
للأمل، كلمات الشيخ مشرق الشمس
بلاد النور وصلاح الحال ....
غفلت جميلة بين ...وتستمر الحياة
مازلت أكتب لكم
دمتم بخير أحبتي
القاصة والمفكرة/
سياده العزومي
سقراطة
عضو اتحاد الكتاب بمصر
جميلة وشياطين الإنس
لسياده العزومي-سقراطة
اقتحمت جميلة المكان
وكأنها تعرف طريقها إلى نهاية
الطرقة وصعدت سلما للدور العلوى،
وقفت أمام باب حجرة
مغلقة، أسرع الأعرج ووضع الصرة
وأخرج المفاتيح من جيبه .
أتت إحداهن تفوح منها رائحة
الخمر وتترنح في جسدها.
دارت حول جميلة ونظرت إليها
نظرة طولية بعين يكاد
يغلقها السكر مشيرة إليها بإصبعها
وبلسان ملجم مثقل بالكلمات قائلة:
- لا أعرف ماذا يعجبه فيك أيتها
الحمقاء البلهاء المتعجرفة؟!
مسكت جميلة من خديها ضاغطة
عليهما بأصابعها. وبلسان شيطان
ملتهب الغيرة وهي تمر بكأسها على
شفتي جميلة. ومن تحت أنياب
حقدها وهي تعض على الكلمات
قائلة:
- نفذ الصبر مني.. اعلمي لن تبقي هنا
كثيرا، سوف أتولى أمرك بنفسي.
جميلة تقف حاملة طفلتيها دون أن
يظهر على ملامحها أي أثر لكلامها،
فما زال الغيظ يكسو وجهها،
والنيران تشع من عينيها. ومن
خلفها الأعرج محملق العين مفتوح
الفم، كأنه مسحور ينظر ماذا فاعلة
جميلة بها.
أفاق من سحره على صرخة راقصة
الكأس حين سحقت جميلة بحذائها
طرف قدمها، ثم تركتها جميلة
متمتمة بنظرة يملؤها الاحتقار:
- لست أنت قضيتي
سبتها راقصة الكأس بأنها بلهاء
متعجرفة، تركتها وهي تجر قدميها
بملامح وجه تقلص فيه الألم ونزلت
الدرج...
استدارت جميلة بعين ملتهبة الغيظ
إلى الأعرج. اضطرب الأعرج
وسقطت المفتاتيح منه على الأرض،
وسقط وراءها هو الآخر والتقطه
في عجلة.
فتح الباب بيد ارتعش فيها الخوف
والاضطراب ثم أشار لها بالدخول
ناطقا بعض الكلمات كالعادة الحرف
الأول والأخير والحروف الوسطى
تسقط في زمن التهتهة، كأن كلماته
يصعب على نفسه معرفة معناها ،
دخلت جميلة، وسرعان ما ألقى
الصرة خلفها وأغلق الباب من
الخارج والتقط أنفاسه حمدا لله
على أنه أصبح بينه وبين
هذه المرأة المسكونة حاجزا.
دخلت جميلة حجرة بدايتها طرقة
طولها متران تقريبا،
على اليمين حائط مشترك وعلى
اليسار حائط الحمام، في الحجرة
ثلاجة مكتب وسريران بينهما
منضدة ونافذة ألوميتال،
بعرض الغرفة من أعلى الجدار،
مؤمنة من الخارج بحديد كريتال
وستارة سميكة تغطى وجه الشمس
نهارا وتجعل الغرفة في ليل دامس
في أعين وفكر النائمين. بركت
جميلة ووضعت طفلتها الكبرى على
السرير ثم الرضيعة، أسرعت لتغلق
باب الغرفة من الداخل، فلم تجد له
أقفالا ، حاولت وضع شيء خلفه
فلم تجد، بدأت الرضيعة في
الاستيقاظ أسرعت وألقمتها ثديها.
هل تنام جميلة؟
وأنفاس الماضي كلهيب ظهيرة
صيف حار في صحراء جرداء،
والحاضر محتل من الفساد
والضياع، والغد مجهولة ملامح
الخير والصلاح فيه..
كيف تنام جميلة؟!
والأفكار تعوي ككلاب مسعورة في
رأسها، تنساب المصاعب فوقها
كانسياب المياه من فوق قمة جبل،
وتتحرك أمامها كشريط سينمائي
في عرض حصري، ومن خلفها
كلمات الشيخ موسيقى تصويرية
تفجر روح الإرادة والمقاومة في
نفسها، لم تجد ملجأ من قسوة ظلم
أهل الأرض غير رحمة السماء، تزداد
يقينا برحمة الله التي وسعت كل
شيء، عندما تنظر إلى الرحمة التي
وضعها الله في قلبها لطفلتيها، ربتت
على نفسها بذكريات الطفولة،
وأخذت بيديها إلى عالمها
استنشقت رائحة أمها وأبيها عندما
كانت لا تعلم عن العالم شيئا إلا
أسرتها لم تخف من الغد أبدا.
الحاضر بكل ما فيه.. هو حلم الليل
مع الملائكة.
وحديث الغد.. للأم والإخوة
والأصدقاء، الأفق لا حدود له
والفضاء واسع جميل والسماء
صافية والأرض تحاكي بركات
السماء بخيراتها والشمس تداعب
سنابل القمح
بلونها الذهبي وحقول الحلبة
الخضراء تفوح منها رائحتها،
ومذاقها.
والمياه الصافية تجري في القنوات
مسرعة؛ لتروي الزرع. وهناك في
قلب الحقل أبوها ألبسه الطين حذاء
حتى ركبتيه تتساقط قطرات
العرق كاللؤلؤ من على جبينه ينفث
العزيمة في يديه ويمسك فأسه
وبكل قوة يضرب الأرض لا ضيقا
منها بل حبا لها يجدد الهواء بين
ذراتها لتجود بخيراتها ...
ما أجمل الحياة بين الصفاء والعطاء،
هدأ الحاضر قليلا بكل أفكاره
المسعورة والمجنونة، وجلس في
صالة العرض الحصري للذكريات
حتي غفل في جميلة فغفلت وهي
بين سنابل القمح تحلق بروحها مع
الأم ،الأب، الإخوة، والجدة
العجوز ...
وهنا في قلب بحر ظلمات الحاضر
تغرق وتضم الرضيعة إلى صدرها،
وطفلتها الكبرى بين ساقيها ،صاحب
القبعة ورفاقه يعتدون عليها،
يمزقون ثيابها والحاضر،
والمستقبل، يلقونها وسط ضحكاتهم
وضحكات شياطين الجن بين
السيارات في ظلمة وظلم الشوارع
ممزقة النفس والجسد منكوشة
الشعر والفكر تتخبط في مرارة
واقعها، تقف وتسقط، سائق البرق
واللامبالاة انحراف السيارة للعودة
إلى البلدة وانقباض قلبها وتملك
الرعب منها، قبلة كبير
شياطين الإنس لها على الهواء
وعضها على أنفاس الألم، راقصة
الكأس، نبرات الغيرة
والحقد ،الأعرج ، ظلمة الطريق
والواقع، زئير الرياح، عواء الذئاب
، نباح الكلاب، وفى الجانب الشرقي
للأمل، كلمات الشيخ مشرق الشمس
بلاد النور وصلاح الحال ....
غفلت جميلة بين ...وتستمر الحياة
مازلت أكتب لكم
دمتم بخير أحبتي
القاصة والمفكرة/
سياده العزومي
سقراطة
عضو اتحاد الكتاب بمصر
تعليقات
إرسال تعليق