يوميات رمضان… بقلم الشاعر وليد. ع العايش
_ يوميات رمضان _
_ ٢٥ _
____________
فتحت عينيها الخضراوين ، كان لسان الشمس مازال صغيرا ، بينما صراخ الديك يملأ المكان ، الحياة لم تبدأ بعد ، فالنوم في ذاك الصباح عادة دائمة ، إنه يوم عطلة نهاية الأسبوع ، أدارت مفتاح الغاز المفلطح ، بعض القهوة تمتطي صهوته بفرح ، بعض المارة يطلقون سيقانهم في الهواء ، المحال التجارية بدأت صرير أبوابها يدق مسامع أية ، رائحة الفلافل تتبعثر للتو ، طفل لم يتجاوز عقده الأول ، يحمل أشياء في كيس أسود اللون ، يرمقها بنظرة ثم يتابع رحلة العودة ، تزداد حرارة الجو اشتعالا ، سكبت أية فنجان قهوة ، نكهة مختلفة تماما حينها ، ربما لم تألفه من قبل ، شجرة التوت تهديها بعض حبيبات بطعم سكري ، كانت ترقص على أنغام موسيقى صباح فيروزي آت من محل قريب ، ارتشفت قهوتها بنهم ، لم تكن تدري عن السبب ( أين أنت يا أماه ... ) تمتمت في سكون ، ساحة المدينة تنحني تحت وطأة الأقدام المتكاثرة ، يصهل صوت باعة الفول على الضفة الأخرى ، لململت دثارا أحمر وركنته في زاوية ضيقة ، كانت تحاول أن تنأى بنفسها عن أشعة الشمس ، لم يكن التلفاز يقول أي شيء ، تتلفت الصغيرة ابنة السبع سنوات حولها ، شقيقها غادر إلى عمله ، العطلة لم تأتي إليه ، الرصيف يعانق جسدها المنهك ، بينما ضفيرتها المتبعثرة تلمع كما أساور ذهبية ، أزاحت شعرها المنكوش عن وجهها ، الماء لم يحضر ، ينتهي الفنجان من رحلته إلى تلك الشفتين الرقيقتين ، ثم ينزوي فوق سطح خشبة مهشمة الحواف ، يمر رجل مترع بلحية كثيفة ، وشعر أبيض ( ماذا تريدين ياصغيرتي ) ... لم يأت الجواب .
كان الصمت كافيا لسؤاله ، رمى بورقة نقدية من فئة المئة ليرة : ( سأراك حين أعود ) ... قالها قبل أن يغزو الطريق إلى الجهة المجاورة ، حملت آية دثارها الأحمر والقطعة النقدية ، ثم غادرت لتبحث عن مكان آخر لا تصله أشعة الشمس الحارقة ...
................
وليد.ع.العايش
٢٥ رمضان / ١٤٤٠
_ ٢٥ _
____________
فتحت عينيها الخضراوين ، كان لسان الشمس مازال صغيرا ، بينما صراخ الديك يملأ المكان ، الحياة لم تبدأ بعد ، فالنوم في ذاك الصباح عادة دائمة ، إنه يوم عطلة نهاية الأسبوع ، أدارت مفتاح الغاز المفلطح ، بعض القهوة تمتطي صهوته بفرح ، بعض المارة يطلقون سيقانهم في الهواء ، المحال التجارية بدأت صرير أبوابها يدق مسامع أية ، رائحة الفلافل تتبعثر للتو ، طفل لم يتجاوز عقده الأول ، يحمل أشياء في كيس أسود اللون ، يرمقها بنظرة ثم يتابع رحلة العودة ، تزداد حرارة الجو اشتعالا ، سكبت أية فنجان قهوة ، نكهة مختلفة تماما حينها ، ربما لم تألفه من قبل ، شجرة التوت تهديها بعض حبيبات بطعم سكري ، كانت ترقص على أنغام موسيقى صباح فيروزي آت من محل قريب ، ارتشفت قهوتها بنهم ، لم تكن تدري عن السبب ( أين أنت يا أماه ... ) تمتمت في سكون ، ساحة المدينة تنحني تحت وطأة الأقدام المتكاثرة ، يصهل صوت باعة الفول على الضفة الأخرى ، لململت دثارا أحمر وركنته في زاوية ضيقة ، كانت تحاول أن تنأى بنفسها عن أشعة الشمس ، لم يكن التلفاز يقول أي شيء ، تتلفت الصغيرة ابنة السبع سنوات حولها ، شقيقها غادر إلى عمله ، العطلة لم تأتي إليه ، الرصيف يعانق جسدها المنهك ، بينما ضفيرتها المتبعثرة تلمع كما أساور ذهبية ، أزاحت شعرها المنكوش عن وجهها ، الماء لم يحضر ، ينتهي الفنجان من رحلته إلى تلك الشفتين الرقيقتين ، ثم ينزوي فوق سطح خشبة مهشمة الحواف ، يمر رجل مترع بلحية كثيفة ، وشعر أبيض ( ماذا تريدين ياصغيرتي ) ... لم يأت الجواب .
كان الصمت كافيا لسؤاله ، رمى بورقة نقدية من فئة المئة ليرة : ( سأراك حين أعود ) ... قالها قبل أن يغزو الطريق إلى الجهة المجاورة ، حملت آية دثارها الأحمر والقطعة النقدية ، ثم غادرت لتبحث عن مكان آخر لا تصله أشعة الشمس الحارقة ...
................
وليد.ع.العايش
٢٥ رمضان / ١٤٤٠
تعليقات
إرسال تعليق