القرن الاعمى..ل..كميل ابو حنيش
قصيدة جديدة ترى النور من قلب السجون
#القرنُ #الأعمى....
الأسير الكاتب : #كميل #ابو #حنيش
مِنْ أينَ نَبدأ في
قِرائتِنا الحثيثةِ للزَّمانِ
و سبرِ أغوارِ الوجودِ
ولا يهمُّ إذا تنوَّعَتِ القراءاتُ العديدةُ
عن يدٍ أهدَتْ إلينا
كلَّ هذا الكونِ
كي نرِثَ الفضولْ
أو ضربةً للحظِّ
فانولدَ الوجودُ مِنَ العدمْ
ليبيضَ هذا الكونُ بيضتَهُ
الوحيدةَ " كوكباً "
يتبوّأ الإنسانُ قِمَّتَهُ
ليسألَ:
" أيُّ طيرٍ باضَ هذي الأرضَ
كي تلِدَ الحياةَ.....
و أيُّ دربٍ نقتفيهِ
لكي نعيشَ كما يليقُ "
ولا يرى غيرَ الطلاسمِ والعماءِ
فلمْ تدرِّبَنا الحضارةُ للوصولِ
إلى النِّهاياتِ السَّعيدةِ و السَّلامِ
و لمْ تهذِّبَنا الكوارثُ و الحروبُ
لكي نثوبَ لرُشدِنا
و نكفَّ عن هذا الضَّلالِ المُستمِرِّ
مِنَ البداياتِ السَّحيقَةِ
راكضينَ لحتفِنا
ينتابُنا وهمُ الوصولْ
***
مِن محنةِ التَّاريخِ ...
مِن ذكرى يسوعَ يُؤرِّخونَ زَمانَنا
و كأنّنا نحنُ اللّذينَ على الصَّليبِ مُسمَّرينَ
و يَكذِبُ الأسيادُ دوماً
يسرِقونَ دِماءَنا
لهم الحياةُ بيُسرِها و فُجورِها
و لنا الحياةُ بعُسرِها و قُشورِها
مُذْ أدخَلَ البشرُ الطُّقوسَ على المعابدِ
و العُبورَ إلى الزِّراعةِ و الحضارةِ
لا نزالُ مُكبَّلينَ
و سائرينَ إلى الوراءِ
و في محطتِنا الأخيرةِ
لا نرى غيرَ الرُّقاقاتِ الصَّغيرةِ
و الذَّكاءَ الإصطناعي العجيبِ
و لم يَعُدْ فينا الذَّكاءُ
ولا نَعي أنَّ الصُّعودَ طريقُنا
نحوَ الهبوطِ إلى الحضيضِ
فَسِرْ بنا يا قرنَنا الأعمى...
سريعاً...
نحوَ أبوابِ الخروجِ
مِن التَّعاقُبِ و الفصولْ
***
و القرنُ يفتحُ بابهُ بقيامةِ البرجَين
و الغزوِ السَّريعِ ...
إلى الرُّقاقاتِ الذَّكيَّةِ
و إزدهارِ الطِّبِّ و التَّحويلِ،
و الثَّوراتُ تُشعِلُ عصرَنا
نصحوا لنلهَثَ باحثينَ
عن الغوايةِ و المرَحْ لكنَّنا
لا نستريحُ ، و لا نُحسُّ سعادةَ
الكسبِ الوفيرِ مِن اللَّذائِذِ و الفرَحْ
و القرنُ أعمى ...
راكِضاً فينا
على أكتافِهِ ومُسمّرينَ
يسيرُ فينا مُسرعاً
نحوَ النِّهاياتِ الفَظيعَةِ و الفناءْ
يا قرنُ ... مهلاً ... لا تُسرِّعْ في قيامتِنا
و امشِ الهُوينى كي نراكَ
مُبشِّراً برخائِنا و هنائِنا،
نحتاجُ أنْ نعتادَ هذا السَّهلَ فيكَ
و نَهضِمُ الفرحَ الوفيرَ...
فَسِرْ بنا،
نحنُ الحيارى البائسينَ
إلى النِّهاياتِ الظَّليلَةْ،
و املأ خَلايانا العليلةَ بالحياةِ
لعلَّنا نحيا قليلاً
أو نعودَ - بحُلمِنا -
نحوَ البداياتِ السَّحيقةِ و الأصولْ
***
و القرنُ أعمى لا يكفُّ عن المَسيرِ بسرعَةٍ
معَ أنَّهُ قرنُ العيونِ الشَّاخِصاتِ بكلِّ
زاويةٍ و رُكنْ
الكاميراتُ، و الأقمارُ، و الشَّاشاتُ ، و الأضواءُ
و التَّحديثُ ، و العِلمُ المُثابِرُ للأمامِ، و شهوةُ
السَّفرِ البعيدِ إلى البعيدِ إلى الفضاءْ
لكِنَّهُ قرنٌ كفيفٌ لا يرى،
و يدوسُ مَنْ بطريقهِ
مِنْ دونِ رِفقٍ بالصِّغارِ المُعدمينَ،
و كلُّ شيءٍ صارَ مرئيّاً تماماً
غيرَ أنَّا نشتكي عُسراً بهضمِ
سهولَةِ الأشياءْ
فلنحنُ في شغفِ القديمِ الى العِناقاتِ الحميمةْ
و الأرضُ تغرقُ بالحرارةِ و الدُّخانْ
و الأرضُ حُبلى بالمتاهاتِ الطَّويلةِ
و الحياةِ على القشورْ
تتكاثرُ الدِّيدانْ يَنتشرُ التَّلوُّثُ ، تختفي الغاباتُ
رأسُ المالِ يَكتسحُ الهواءْ
(تفترعُ)(لا اجد لها معنى وربما نقلت الكلمة على غير شكلها الأصلي) (البراءةُ في بيوتِ اللهِ )
و كُلُّنا يجتاحُنا هذا الذُّهولُ
و كُلُّنا مرضَى التَّعاسةِ و الذُّبولْ
***
تمضي الحداثَةُ في الطَّريقِ إلى المزيدِ
مِنَ التَّألُّقِ والسِّيولَةِ و الرَّخاءِ
كقشرةٍ تخفي التَّعاسَةَ و الشَّقاءْ
تتخلَّقُ الأشياءُ مِنْ رَحمِ السَّرابِ
و في العلاقاتِ السَّريعةِ و الهُراءْ
لا آدمَ يأتي ليَقطُفَ شهوةَ التُّفاحِ
مِنْ بُستانِ حواءَ الشَّهيِّ
و لا يُبالي بالولادةِ و البقاء
و لا يكُفَّ الأولياءُ الكَاذِبونَ...
عنِ الخطابةِ و الثَّناءِ على السَّماءْ
لم ييأسْ المُتفذلكونَ
ولا الدَّهاقنَةُ الكبارُ
و يلعبونَ النَّردَ في وضحِ النَّهارِ
و يَكسبونَ لأنَّهمْ لمْ يعرِفوا طعمَ الأمانةِ و النَّقاءْ
فالغشُّ لِعبَتُهمْ
و لِعبتُنا البراءةْ
و الكسبُ مهنَتُهم
و مِهنَتُنا الخسارةْ
و سيسأمونَ مِنَ السَّعادةِ و الثَّراءْ
يتكاثرُ المُتزلِّجونَ على السِّياسةْ
ويُشرِّعُ المُتشائمونَ هواجِسَ
الأعرابِ عن هذا الخرابِ
و يفتحُ المُتفائِلونَ شهيَّةَ
البشرِ القديمةِ للخلودْ
"ونعود آلهةً صغاراً لا تموتُ "
و يدَّعي الشُّعراءُ
أنَّ الكونَ خُنثى
لا يسيرُ لغايةٍ
و بِلا معانٍ أو ميولْ
***
أينَ السَّماءُ و قدْ تعاظمَ
صَمتُها و حِيادُها
لنلوذُ فيها ، نستجيرُ
وأينَ أنتَ و قدْ تفاقمَ يأسُنا
و ننوءُ مِنْ حِملٍ ثقيلٍ ظلَّ يُبطئ سَيرَنا
نُصغي إليها ، عَلَّها
تلقي إلينا وحيَها...
لكِنَّها الأقمارُ تُحصي ...
ما سنهمِسُ للنساءِ ...
على أسرةِ نومنا
ما عادَ وحيًا كلُّ ما يأتي
مِنَ الأعلى
فمتى القيامةُ ...
آهِ... لو تأتِي القيامةُ
كي تَرُدَّ الميِّتينَ
ليَشهدوا مأساتَنا...
ينهارُ عالمُنا المُضيء أمامَنا
فمتى القيامةُ
كي نموتَ لعلَّنا نَحيا ولو في موتِنا
لم يأتِنا وحيٌ جديدٌ
إنَّما الإيحاءُ يأتينا من الأقمارْ
و نكونُ في قلبِ الجدالِ المُستمرِّ
و شرحِ معنى الفارقِ اللَّفظي
بينَ الوحي و الإيحاءْ
و يكونُ فينا كلُّ شكٍّ
أو إباءٍ أو قبولْ
***
فَاسِرعْ بنا يا قرنُ نحوَ :
هلاكِنا و خلودِنا
سيَّانِ كانَ الأمرُ
فيما ينتهي فينا المصيرْ
سِرُّ الطَّبيعةِ لم يعدْ سرّاً جليلَا
و الكَونُ يصغرُ كلَّما إبتكرَ الطُّغاةُ
مسالكاً للإنعتاقِ مِنَ الحياةِ
أو الفناءِ
و سِرْ بنا يا قرنَنا الأعمى ...
و لكن قِفْ قليلًا
كي نودِّعَ نفسَنا...
و لكي نُعانقَ كلَّ شيءٍ حولَنا
قبلَ النِّهايةِ و الأفولْ
تعليقات
إرسال تعليق