امرأة ضائعة... عبد الفتاح حموده

 إمرأه ضائعه

لم تعد تهمنى الحياه بكل مافيها.. لازوجى.. ولا أولادى.. ولابيتى.. ولا أى شئ فليذهب  كل شئ إلى الجحيم.

زوجى يذهب للعمل من الصباح الباكر ولايعود إلا فى ساعه متأخره من الليل وكذلك الأولاد .. طوال هذه الفتره يكون الملل قد تمكن منى وأحكم إغلاقه تماما.

ماذا أفعل وقد فعلت كل شئ حتى مللت الحياه كلها.. نظافه البيت وترتيبه.. زياره أى أحد من الجيران أو الأهل.. الجلوس على شاطئ البحر القريب من البيت.. متابعه التلفاز.. الخ فلم تعد لى أى رغبه في شئ فقد أستفحل الروتين اليومى فأصبحت الحياه والموت سواء..!

كل ما أفعله هو أن أترك جسدى جثه هامده على فراشى وإذا نهضت من نومى أشعر بغايه الكسل والخمول فأعود إلى النوم مجددا.. هكذا أقضى يومى كله فى الإستسلام للنوم فليس أمامى سواه.

يعود زوجى من العمل متأخرا فيجد أننى لم أعدّ له أى طعام.. وهذا ماكان يثير غضبه وأنفعاله بشده فيقسو علئ بالضرب والسباب وقد يحث الأولاد على فعل ذلك.

ووجد زوجى حلا مناسبا فقدم الدعوه لاشقاءه على طعام الغذاء فى يوم عطلته الأسبوعية من العمل

 فقد ظن أن مافعله سوف يجعلنى أتحرر من قيد الملل المحكم ولكن عبثا بلا جدوى فلم تفلح محاولته فى ذلك أبدا.. 

فقد ينتظر يوم عطلته أن أتحرر من قيدى.. وأغتسل.. وأرتدى  ملابس مناسبه.. أستعمل  المكياج والعطور.. ويجد البيت في قمه النظافه والترتيب.. وتفوح منه روائح زكيه واضاءات خافته تبهر العين.. ا

ولكن هيهات فقد غاب عن باله أن يوم عطلته الاسبوعيه تتجمع فيه ألوان الكسل والخمول فأحتضنهما كأننى أخاف أن تتركنى هى الأخرى كما تركتنى الحياه بكل مافيها مجملا وتفصيلا.

أحتار زوجى فى أمرى.. أحيانا يشعر أننى فقدت عقلى تماما فيهددنى كلما عصيت أمره أن يودعنى إحدى المستشفيات الخاصه لعلاج مثل هذه الحالات..

وأحيانا يشعر أننى فى قمه العقل وأن كل ما أفعله ماهو إلا عناد ظاهر.. وتحد سافر...!

عن نفسى فلست أعرف هل فقدت عقلى فعلا أم أننى فى كامل قواى العقلية.. أو كلاهما معا..!

ضاق زوجى ذرعا بى.. فقد أخبره بعض الجيران أنهم وجدوا أسفل المنزل بعض الأشياء ملقاه ملابس جديده ممزقه.. ومأكولات. عملات ورقيه ممزقه.. الخ

الحق يقال أنا نفسى لا أعرف لماذا أفعل كل هذا  وكيف ومتى..!

أسوء ما وجدته من زوجى مقارنتى بأمرأه بعينها أو أى إمرأه يشاهدها فى التلفاز.. كم هو الفرق مابين القبح والجمال..!

هكذا كل النساء أفضل منى فى كل شئ وقد تجاهل زوجى أى صفه طيبه كأنى الوحيدة من بين النساء التى تنفرد بالعيوب والمآخذ دون أي صفه طيبه يذكرها والأخريات حوريات من الجنه لاعيب فيهن. لعله نسى أو تناسى أياما كان يسعد فيها بالجلوس إلئ.. ويصفنى بالجمال الهادى وأنى هديه من السماء و.. الخ.

ربما زوجى على حق فيما يقوله ولكن ما ذنبى فى طول فتره غيابه عن البيت.. لوكان يعمل على فترتين فيحضر إلى البيت بينهما ربما تغيرت أمور كثيره ووجد منى المرأه التي يتمناها ويرغب فيها.

كلما سخر زوجى منى نظرت إلى المرآه فأرى كم أنطفات شمعتى ولم تعد لى أى حيويه أو نشاط أو إقبال على الحياه فأصبحت كالحى الميت.

لا أعرف ماذا أصابنى فضعفت قواى وفتر أحساسى بالحياه ولم تعد لى رغبه فى العيش أبدا .. ولم يعد هناك مايشغل بالى أبدا .

لا أخفى سرا أن سخريه زوجى منى ومقارنتى بغيرى أحد الأسباب البارزه التى أفقدتنى الأهتمام بنفسى أو بيتى أو به هو.. فلو حدثنى بكلمه طيبه ولو كذبا لعله ساعدنى على أعاده الروح لنفسى ونهضت من كبوتى .! 

أنقطعت صلتى بالناس فلم أعد أرغب فى زياره أو أستقبال أى أحد . فلم أعد أبالى بمن يطرق بابى أو يتصل هاتفيا حتى لاتأتى من تحدثتى عن زوجها وعن أستقبلها له عند عودته وعن ماتقوم به من نظافه البيت وترتيبه و. َ. الخ

منذ بضعه أيام مرض زوجى ونقل إلى غرفه العنايه المركزه فى إحدى المستشفيات ولكنى مكثت فى بيتى.. لم يشغلنى مرضه فليمت بسلام فماذا قدم الئ لكى أبكى مرضه أو موته..!

لعله إذا رحل إلى السماء أتفرغ لكبوتى دون أن ينغصها علئ

 وبالفعل مات الرجل

فإن كان قد مات اليوم فقد سبقته منذ سنوات....

مع تحياتى 

(عبد الفتاح حموده)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سافرت نحوك....بقلم عيسى جرابا

قل لي يا قلم… كلمات الشاعر نافز ظاهر

اجازة... علاء، عطية علي