خبرت الانام.... حميد فيخار
{ خبِرت الأنـام }
خلِيلي تَـلجَّم بالـسُّكوت مُحايـدا
~ ~ فإنـي بسُـوء الظَّن عمَّـرتُ زاهِـدا
فواعجبي كيـف الـزمان تـحلحـلا
~ ~ وكيـف بـعَـبَّـاد العـبيد تـسـيَّــدا
متى يـرفَـع الحُكَّام ظُلما تَعسْعَسا
~ ~ ويبـزُغ فـجرُ الـعدل فينا مـجَددا
أجالس أهل العلم للـنَّفع والأنـا
~ ~ لأفصل بين العدل والظلم مُرشدا
وأسـعى لفكِّ العـقل ممَّا تعلَّقـا
~ ~ وغيري يرى غيري بعيـن المجردا
وإن عشت دهري بالتَّمني تقاعُسا
~ ~لدمَّرتُ أحلامي وعـشت التـشردا
ففي صبر بعض الناس عِلَّة جَاحِد
~ ~وصبري كَرى من مُرِّه الحُلو أوجدا
إذا أنـت صـقَّـارٌ لـسِــرٍّ تَـفـكَّـكا (١)
~ ~ فـلا شـأن للأخـيـار مِـمـا تــرددا
وما سـرّني حَـظّ التلاقي طواعيـا
~ ~ ولا قَـيض أوهـام تشُـلُّ السَّواعدا
أراه عـنـاق بـالـنِّـفـاق تـمسـرحا
~ ~ وحسـبكِ صـدَّقتُ اللـقاء تعمُّـدا
لعمري ترى فيكِ السِّهام صبابتي
~ ~ لأشرب من كأس الهوى ما تَخلَّدا
تُسائلني أوجـاع ماض فـأهتـدي (٢)
~~لرشِّ الهوى بالعشق حيث تكَسَّدا
فقيَّدتُ قـلبي بالأنـيـس تَـحبُّبـا
~ ~ ومن خبِر الإحساس عِشقا تقيَّـدا
لبست من الأيَّـام فـخـر عوائدي
~ ~ وصدَّقتُ نفسي أن ظـنِّـي تبددا
سـتعلم أزلام الـخوالي رجاحتي
~ ~وأني أنا من كنت سـدّا وموصـدا
فيا لك من غيّ توهج في الحشـا
~ ~وَيَالك من خطْب يحاكي الترعُّدا
يُرقّصنـا دهـر نـعـيشه بالـرِّضـى
~ ~ ومهما فـعلنا بالمشيـب تـرصَّدا
وتعشقني أبيات شعري فترتدي (٣)
~ ~ جِناسًا وتصريعًا وسجْعًـا تقصَّدا
أسيرٌ بشعري والقصائد محبسي
~ ~ زفيري حروفي والمعاني تـسَهُّدا
حكيمٌ بشعري والقصائد خلوتي
~ ~ ومن فـكَّ فحواها أطـال التَّنهدا
إذا كـنتَ بالأفكـار أفتيـتَ فِـتـية
~ ~ فكن بيِّن التَّفسيـر واقـرأ مُجوِّدا
وإن أنـتِ سيّرتِ الحياة تـمـثُّـلا
~ ~ لعمري أرى فيكِ الجُنون تـولَّدا
بثَـغرك يالُبـنى تعـرفت بَـلْسَمي
~ ~ صِليـني بحبل الودِّ قـدْرًا لأسْـعدا
فما صُنت نفسي بالرضاء تقرُّبـا
~ ~ ولا رغـبـتْ دقّـات قـلـبي تــودُّدا
فـلا تشتكي منِّـي وقـلبي مُـتيَّـم
~ ~ فـلستُ بِـرقَّاص يُـغنِّـي مُـغـرِّدا
حبيس بحالي والخبايـا دواخلي
~ ~ لـعلِّي حبيـسٌ أبتغي فيكِ موعدا
تـمُرّ حواليَّ الـسِّـهـام فـتُـخطئ
~ ~ ومن شرِّ خِلاني خبرت التصيُّـدا
يشرفني أن أطلب المجد والعُـلا
~ ~ وكيف العلا يأتي وحظي مُسجّدا
إذا لبس المحتـال خلخال أهلـه
~ ~ فليس غريبـا أن يـروم التـشـددا
كفاك رفيقـا يـعـبدُ اللـه مـؤمنـا
~ ~ ثقِـيا بحمـد اللـه يـرضاك رائــدا
فلا عـاش إلا مـن تملى بـصِدْقـه
~ ~ فـتُسـعده الأيـام بالـخِـلِّ مُـوَرَّدا
أزفُّ الـمنايا والعواقـب محملي (٤)
~ ~ وقِبلـة أشـجانـي حـطام تـوقَّـدا
أدق مساميـر الـنُّعـوش وأرحـل
~ ~ فما عـاد للأموات عندي تـوعُّـدا
وقد يرقُص المذبوح من حرِّ موته (٥)
~ ~ فتبكيه ثكـلى والزغاريد تــنْـشدا
تفرَّدت في عيشـي بمن لا يُرحّب
~ ~ وصارت صِحـابي باللَّـبيب تـورُّدا
وتُطرقُ أبوابُ الوفاء في هواجسي
~ ~ كأني أجاري نصف عمري مُحَسّدا
ويَصدح جرَّار الهوى في مسامعي
~ ~ ولـكن قـلبـي يـحصُـد مَـن تـودَّدا
فإن كـنـتُ أدمنت الرحيـل تـأفّفـا
~ ~ فلا عاشت الأعمار حـظّ التمددا
إذا السيف لم يقطع حبال التودد
~ ~ فصمـتي لسـان جارح مـا تــمـردا
فإن كـان للأوجاع ثـدي الرضاعة (٦)
~ ~ لأدمنت نفسـي في لِـباك مُوسَّدا
رمـيـت بـخلاني وأهـلـي تـعففـا
~ ~ولَـم أتـوسل مـنصِبـا فـيه مَـوْردا
فـهـذا بـيانــي لـلأنـام أُعــيـده (٧)
~ ~لأني خبِرتُ الحظَّ بيـضا وأسـودا
~ ~ ~ ~ ~ ~ ~
حميد عبد القادر فيخار
إسبانيا 28 /07 / 2023
( نظم القصيدة على البحر الطويل )
القاموس
(١) صَقّار: (اسم)
رَجُلٌ صَقَّارٌ : نَمَّامٌ
(٢) كسد الشيء : لم ينفق لقلة الرغبة فيه.
(٣) الجناس والتصريع والسجع :
محسنات بديعية في نظم الشعر
(٤) الشَّجَنُ :الهمُّ والحُزْنُ
(٥) ثكلى :الجمع : ثَكَالىَ
اِمْرَأةٌ ثَكْلَى : فَقَدَتْ ابْنِهَا، أيْ مَفْجُوعَةٌ بِهِ
(٦) للِّبَأ : أَوّلُ اللبَن عند الولادة قبل أَن يرق
اللِّبَأُ : سائل تفرزه غدة الثدي قبيل الولادة وبعدها لأَيام معدودة والجمع : أَلْباء
(٧) الأَنام : جميع ما على الأرض من الخلْق.
تعليقات
إرسال تعليق