نور الحرية... صخر العزة
نور الحرية – نور الحياة
ما أجمل الطيور في أعشاشها ، وهي تطير فرحةً نشوانةً من غصن إلى آخر ، حيث لا يعكر صفو حريتها إلا دبيب أقدام صياد يرغب في إنتزاع فرحتها وسلبها حريتها . ما أجمل الحيوانات وهي تتهادى في الغابات متبخترة مفاخرة بحريتها !!
فالحرية هي ابنة الشمس البكر ، وهي من نور الله عز وجل ، قدمها هدية إلى أبناء البشرية ليحافظوا عليها ويصونوها ، وقد فطر الله جل جلاله الناس على الحرية حينما خيرهم بين الخير والشر ، قال تعالى في سورة الإنسان – الاية 3 : {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } وكذلك في سورة البلد – الآية 10 : (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)
فقد أعطى الإنسان حرية إختيار الطريق التي يرتئيها ، فالخير من عند الله ، والشر من عند الإنسان مما تسول له نفسه
ولهذا نرى أن المرء يفضل الموت على فقدان حريته ، فحرية الإنسان هي عنوان كرامته فإن فقد كرامته –فقد حياته لأن نور الحرية من نور الحياة ، ولنأخذ عبره لأنفسنا من الشمعة ، أنظروا إليها بكامل ضيائها وهي تتراقص فرحة ، فإن وضع عليها كأس خبت وتلاشت وانطفئت كاتمة لوعتها ، وساكبة دموع حسرتها بفقدان نورها ، وكما الشمعة العصفور ، فإن هو وضع داخل قفص ، فإنه لا يكف عن التغريد ، ليس فرحاً بالقفص أو ما يقدم له من طعام وشراب ، بل حسرة ولوعة لفقدانه حريته ، وكما هي حال الشمعة والعصفور ، كذلك هي حال الإنسان ، فإن هو شعر بكأس الهوان يدنو منه ثار وزمجر رافضاً كل أنواع العبودية .
وفي هذا الصدد قد يتسائل المرء عن سبب الويلات التي تحيق بعالمنا وبالأمم الضعيفة بالذات ، كالعالم الثالث فنقول إن سلام هذا الكون مقرون بسطوع شمس الحرية وزوال ظلام العبودية . وقد عرّفنا التاريخ على كثير من هؤلاء ، وفي مقدمتهم الصليبيون والإستعمار الإمبريالي الذين بدأوا حملات استعبادهم بأمتنا العربية ، ولكن أنَّا لأمة عرفت الحرية أن ترضخ للذل ، لذا قامت الثورات رافعة شعلة الحرية في أرجاء الوطن العربي ، ورافضة الذل والهوان وكان لها في النهاية العزة والإنتصار .
ومن طغاة هذا الزمن الإسكندر المقدوني الذي ما أن يدخل مدينة إلا ويدمرها على رؤوس أهلها ، وهناك قصة معروفة عن هذا القائد مع الحكيم ( ديوجين ) فقد مر الإسكندر قبالته حاجباً عنه الشمس والضوء ، فقال له ديوجين الحكيم : أغرب عن شمسي ، مشيراً إلى حريته ، فالحرية هي كالروح في الجسد لا غنى لأبناء البشرية عنها ، وقد تغنى الشعراء بالحرية كما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي :
وللحرية الحمراء بابٌ بكل يدٍ مضرجةٍ يُدقُ
وفي خاطري سؤال يدور ، وفحواه : ما هو موقف طغاة العالم ومصاصي دماء الشعوب لو كانوا هم في الاتجاه المعاكس ؟ . هل يرضون بعيشة الذل والهوان ؟!!
بالطبع لا وألف لا ؟؟!! . إذاً لماذا يتحكمون بمصائر الشعوب وحريتها ؟!
لماذا لا يعودوا إلى قول الفاروق –عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار؟! )
مما ذكرت سابقاً في قولي ، بأن الحرية من نور الله ، فإذاً يجب علينا المحافظة على هذا النور لأنه هبة الله لإبن آدم غرسه في قلوبهم ، وبثه في عقولهم ليميزوا بين ظلام العبودية ونور الحرية .
فيا أبناء أمتنا العربية – حافظوا على حريتكم ، لأنها رمز كرامتكم ، ووحدوا كلمتكم لتستردوا ما استُلب منكم ،ولنقهر قوى الطغيان والظلم ، وإن لم نسترد حريتنا فموتنا أشرف لنا من الحياة بذلة وعار ، وكما قال الشاعر عنترة بن شداد :
لا تسقني ماء الحياة بذلةً بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
صخر محمد حسين العزة
عمان – الأردن
27/7/2023
تعليقات
إرسال تعليق