السبيل... د. عبدالله دناور

 السبيل

__________

في السبعينيات من القرن المنصرم لم تكن _ الإرتوازيات _ قد انتشرت في قريتنا تستخرج المياه الجوفية من أرضنا المباركة لتصبح الزراعة فيها مروية بعد أن كانت بعلية وفي هذه المرحلة انتعش المزارعون في قريتنا وازداد الإنتاج وتنوعت الخضار والمزروعات حتى أصبحت قريتنا سلة غذائية معتبرة بعد أن انقرضت كروم العنب ومعاصر الدبس

والزبيب..وقبلها كان الناس يذهبون إلى الأرض على ظهور الدواب وغالبا مشيا على الأقدام وكان هذا يجعلهم في تعب منهك وعطش شديد خصوصا في أيام الحصاد وقد احتاطوا لذلك بأن  حفروا على رأس كل أرض جبّا تملؤه مياه السماء في الشتاء يشرب منه الغادي والرائح أيام الصيف وكانت منتشرة على طول الطريق الواصل إلى أرضنا وكان الناس يفاضلون بينها من حيث برودة مائها أما عن ماء جبّنا فقد كانت باردة جدا وكنا نستغل برودتها فنضع في الدلو العنب والجبس والقثاء وننزله ليبقى إلى المساء لتصبح باردة ولذيذة أكثر..أما عن _ السبيل _ فهو كهف طبيعي في جرف صخري بقاع الوادي المسمى باسمه وكان سبيلا حقا يشرب منه الناس ويسقون الدواب ولم نكن نفوت فرصة فكلما مررنا به ننزل عن ظهر دوابنا ونسقيها ونشرب من مائه القراح وفي هذه الأيام الصيفية الحارة تذكرته وأنا عائد وقد اشتريت قطعة ثلج لنبل ريقنا في هذا السموم الذي ترسله لنا القبة الحرارية فكتبت هذه 

الأبيات


إذا يوما قصدت الحقل صيفا

وعطشانا    كثيرا    أو   قليلا


وتمشي  في  الهجير بغير ظل

وعدت  الظهر  تلتمس المقيلا


أوان  المرء   من   سير   ونار

ومن تعب  فقد  يمسي  قتيلا


فعرّج   إن  كواك  الحرّ   ظهرا

تجد ماء_ السبيل _ لكم سبيلا


تجد   قطر  الغيوم  أوت   إليه

ولن   تحتاج   في  يوم   دليلا


يجود على العطاش بكأس شهد

فجرعة    مائه    تروي   الغليلا


نعيش   الآن   في   لهف    لماء

وحتى  الغيم  لا  ينوي  الهطولا


فليت    الليل     يأتينا    سريعا

لعلّ   الماء    عذبا    أن   يسيلا


فصنبور    ويشخر    من    هواء

وعمره   لم   يكن  صوتا   جميلا


ألا   يا   ليت   قلبي عاش  دهرا

بقرب   المنهل   الصافي    نزيلا


لظلّ   العمر     مبتردا     معافى

بشحّ    الماء   قد   أمسى  عليلا

__________________________

د.عبدالله دناور           ٢٩/٧/٢٠٢٣

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سافرت نحوك....بقلم عيسى جرابا

قل لي يا قلم… كلمات الشاعر نافز ظاهر

اجازة... علاء، عطية علي