سفينه اقداري.. سناء شمه
(( سفينةُ أقداري ))
مذ نمتْ ضفائري بخندقِ الفصول
ألقيتُ ظلي على أريكةِ أوجاعي
أقضمُ الحزنَ كفتاتِ الخبز
حتى امتشقَ ليلي ظلَّ شتاتي
تلَبَّسني رداءُ الدمعِ كغرِّةِ شهر
في أول مولده يعلنُ أسفاري
تُلوِّحُ لي غيمات دربي
أن أحدِّقَ لأرصفةِ كأني أعرفُها
فمضيتُ بدفاتر ليل منهكةً
توثّبتُ إلى ضفافِ سفينةِ أقداري
امتطيتُ لهيبَ الموج واجفةً
أرصدُ أشرعتي في بطونِ إبحاري
وجهُ السماءِ مزروعُ بأنجمِ الخيبات
إذ تداعى شجرُ الرمانِ قبل أوان
أين أسبرُ ووعثاء بيدائي تلاحقني
وأنا في ثمالةِ روحي أنضِّدُ أشعاري
جرتْ سفينتي بأجنحةِ العناء
أمواجٌ تتهادى بي بأذرعِ الهوى
كم مرة زيّنتْ جيدي بمحارةٍ بيضاء
فصَدِئتْ ونخرتْ بأملاحِ أمطارِ
صغارُ النجوم تراقبُ مِئذنةَ قلب
تُكبِّرُ لنبضٍ في جوفهِ عارٍ
أسبلتُ الجفنَ ينازعهُ وسن
أشطفُ أهدابي من حرائقِ الدمع
فينمو بأغلافها صديدَ أخباري
خمدَ العشقُ من رمادٍ يُبعثرُه
حين تبدّلتْ الأمواجُ بثورةِ العصيان .
كتبَ البحرُ بالظلماء أحرفي
وغيومُ الشوقِ أمطرتْ تصوّفي
وضفيرةُ الأفقِ حبري وإلهامي .
يأوي الفؤادُ لركنٍ مهملٍ
خريفُ العمرِ في معصميه جارٍ .
تعيدُ الهمومُ شرنقةَ المجهول
على ألواحٍ ودُسرٍ صاخبة الفيضان .
في عتمةِ الموجِ العتيق
تصدحُ حُنجرتي بأنشودةِ صبرٍ
ويحبو العمرُ من أجداثِ الورى
إذ أفِلتْ خرزاتُ بيض أقماري .
يا سفينة وجدٍ ليتني ماوطأتُها
ومازرعتُ نجوما في نهارِ .
يتوجّسُ المرءُ من طالعِ شمسِه
لكنّ قِبلتي وضّاءةٌ
لا يباغتُها أعورُ يُقزِّمُ عنواني .
يفنى العمر كذبولِ الزهرِ
أو غافيا تائها في صحاري .
يا جذوةَ القلبِ ترفّقي بحالي
مضتْ الستون كأنها ومضةٌ
فهل تجمعُ الريحُ دقيقها
بعد أن واراه التراب .
بقلمي/سناء شمه
العراق
تعليقات
إرسال تعليق