لغة الضاد... صخر العزة

 ( لُغة الضاد )

من بديع خلق الله وإعجازه أن خلقَ الإنسان وميَّزهُ عن باقي المخلوقات بالعقل للتفكير وبلسان ناطقٍ للتعبير ، وتجلَّت عظمتهِ في تعدُد الأُمم وتعدُد اللُغات التي تنطقُ بها هذه الأُمم بلسانٍ واحدٌ  لكُلِّ أبناء البشرية ، فليسَ لكُلِّ أُمةٍ لسانٌ تختلفُ بهِ عن الأُخرى ،  وهذه سرُّ كينونته وعظمته ، وأرسل الله عزَّ وجل لكُلِّ أمةٍ رسولاً  أو نبياً منهم يتكلم بلسانهم لكي يسهُل تعليمهم ونشر رسالات التوحيدِ وعبادة الله عزَّ وجلْ ، وكانت أصول اللغات كلها قد تعلَّمها سيدنا آدم ومنها اللغة العربية ، ولكن لُغته الأساسية وحسب ما يُرجحه العلماء والتي كان يتخاطب ويتحدثُ بها مع أبنائه هي اللغة السريانية وهي إحدى اللغات السامية ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ، ما هي أُم اللغات ؟ فكما اعتبرنا سيدنا آدم أبو البشر فاللغة العربية هي أُم جميع اللغات التي وُجِدت على الأرض مُنذ الخليقة 

وفي ذكرى اليوم العالمي للغة العربية أكتب مقالي هذا عن هذه اللغة التي  مهما كتبنا عنها فلن نوفيها حقَّها ، فهي أُم اللغات وأول من تحدث بها  هو سيدنا إسماعيل عليه السلام ، وهذا مُثبتٌ بحديثٍ لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إذ قال : ( أول من فتق لسانه بالعربية المُبينة إسماعيل وهو ابن أربع عشر سنة ) وتتميز اللغة العربية بأهميتها من حيثُ أنها أقدم اللغات في العالم ، وهي لُغة القرآن الكريم التي أبتدأت بها رسالة البشرية بكلمة إقرأ تلاها سيدنا جبريل عليه السلام على مسامع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ومن ثَمَّ نزلت بقية سور القُرآن تباعاً باللغة العربية، وقد كرَّمَ الله عزَّ وجلْ اللغة العربية عن سائر اللغات وأصبحت هي لُغة الدين والحضارة والأحكام والقيم ودخلت عالم الخُلود لأنها لُغة القُرآن الكريم وهو الخالدُ إلى أن تقوم الساعة ، فكم من لُغات بادت واندثرت وبقيت لغتنا صامدةٌ ثابتة ، ولا يفوتني أن أذكر هنا أنها الأولى في المنتسبين إليها من المسلمين بما يفوق المليار مُسلم ممن نطق بها في أداء شرائع الإسلام شهادة وصلاة وبالتالي نقيس وزنها من بين لُغات العالم بقداسة ما يُنطقُ بها وليس بكلامٍ دون القداسة ، فاللغة العربية هي البحرُ الزاخر بالعلوم والمعارف التي تشحنُ ذاكرة الإنسان وتطور ملكته الفكرية ، وهي النور الساطع الذي يُنير أمام الباحث مسالك المعرفة ، ويمُدُّهُ بالقوة والشجاعة وطلاقة اللسان وجمالية الأسلوب والدقة في انتقاء المُفردات التي تُساعدهُ على طرح كتابة مُميزة تجدُ لها آذاناً صاغية من قِبَل المُتلقي ، ومن ميزات هذه

 اللغة العربية أنها لُغة مرنة وتمتاز بالجمال والإبداع من نُطقٍ أو سماعٍ أو كتابة وتتنوع فيها مجالات الأدب من شِعرٍ ومقالٍ أو قصةٍ أو رواية ، وباقي أنواع النصوص الأدبية ، وتتميز أيضاً بمحاسن وجمال الألفاظ ، ويكفيها تميُّزاً إنفرادها بحرف الضاد الذي لا يوجد في أي لُغة من لُغات العالم فهي لُغة الضاد وهي لُغة البيان التي تحمل العديد من العبارات والدلالات فهي لسانُ العقل البليغ وحكمة اللسان السليم ، وكما قال الفاروق عُمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( تعلَّموا العربية  فإنها تُثبِّتُ العقل وتزيدُ في المروءه )

لذا يجبُ علينا أن نُحافظ على لُغتنا العربية الأصيلة لُغة قرآننا الكريم ، وأستهجن ممن يُدخل في كلامه كلمات أعجمية ، ويتناسى عظمة وجمال لُغتنا التي هي أُم اللغات وسيدتها وعلينا أن نتذوق بلاغتها وبديع محاسنها  وعلينا أن نحرص على التحدُّث بالعربية الفُصحى وأن تجري على ألسنتنا ، ويجب أن نُدخل العربية الفُصحى في جميع مناحي حياتنا والبُعد عن الألفاظ الأجنبية التي نُدخلها إلى لُغتنا العربية . وبالتالي  سيظلُّ الإنسان عاجزاً أمام جمالية اللغة العربية وروعتها ، ومهما غاص في أعماقها ونهل من معارفها فهو يحتاج دائماً إلى المزيد ، ويكفينا فخراً أن نتحدث بلُغة أعظم كتابٍ شهدته البشرية ألا وهو القُرآن الكريم ، وأعظم رسولٍ حمل رسالة الإسلام للبشرية جمعاء بهذه اللغة .  وبعد أقول : للهِ درُّ شاعرنا الذي قال: 

لُغتي وأفخرُ إذْ بُليتُ بُحبها

فهي الجمالُ وفصلها التِبيانُ

عربيَّةٌ لا شكَّ أنَّ بيانها 

مُتبسمٌ في ثغرهِ القُرآنُ

صخر محمد حسين العزة 

عمان - الأردن 

15/11/2024

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سافرت نحوك....بقلم عيسى جرابا

قل لي يا قلم… كلمات الشاعر نافز ظاهر

اجازة... علاء، عطية علي