الحرية... علي المحمداوي

 الحريةُ

صحوتُ فجراً على صفيرِ بلبلي

فارتابني أمرهُ

وهو يحاولُ إيقاظي بذلكَ الصوتِ الحزينِ

ظننتُهُ جائعاً فدفعتُ بالطعامِ اليهِ

لكنهُ لم يأكلُ منهُ

عادَ الكرة لأكثرَ من مرةٍ 

فأزعجني بصفيرهِ المستمر

فقلتُ ربَّما يكون هذا المسكينُ يشكو ظمأً

قدمتُ لهُ الماءَ فأَبى أَن يشربَهُ

حينها حيَّرني أَمرهُ

فقلتُ ماذا تريدُ منَّي أَيُّها العصفورُ الصَّغيرُ

قدَّمتُ لكَ الطعامَ والشرابَ لكنَّكَ رفضتهما

قلْ لي هلْ تريدُ شيئا آخرَ غيرهما

ضحكتُ على نفسي وقلتُ ماهذا الهراء

فأنا إنسان ولا أفهم لغة الحيوان 

وهذا المسكينُ ليسَ لهُ لسان ناطق 

كمْ تمنيتُ أن أحظى بعلمِ سليمان 

لأفهمَ منه ما يريدُ

نظرَ إليَّ والدمع في عينيهِ

ثمَّ استدار بهما نحوَ شبَّاكِ الغرفةِ

فانتابني شعور بفتحِ بابِ القبصِ والشُّباكِ معاً

فرأَيتهُ منطلقاً نحوَ الفضاءِ 

وغدا يضربُ الهواء بجناحيهِ محلقاً بفرحٍ وسرور

فاستدركتُ بأنهُ كانَ يطالبني بحريتِهِ

فسألتُ نفسي هل يعرفُ بلبلي معنى الحريةِ

وهل ندركُ نحنُ البشر لذتها ومعناها

لو كنا ندركُ ذلك ما حبسنا الطير في قفصٍ

ولا سمحنا للأغلال تقيِّدُ أيدينا

ولا للظلامِ في غياهبِ السِّجون يوحشنا

ولا للأغراب تحكمنا وتذلنا

ولا لأوطاننا هذا الخرابُ يدميهِ

فمتى نسعى للخلاص مما نحن فيهِ

فالحريةُ شمسٌ من حُرِمَ منها عاشَ في ظلمةٍ حالكةٍ


بقلمي علي المحمداوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سافرت نحوك....بقلم عيسى جرابا

قل لي يا قلم… كلمات الشاعر نافز ظاهر

اجازة... علاء، عطية علي