دماء في الفيلا... عصام حمي

 دِماءٌ في الفيلا (10)


تأليف وإعداد :

 عِصام حَمي


خَصَصَتْ أمَلُ للمُحَقِّقِ غُرفةً في الفيلا ..

تُطل ُّعلى حديقتها ..

بَعْدَ تَعَبِ يومٍ مُضْنٍ وحُزنٍ على العَم سالِم ..

وحَرْق للأعْصابِ  ...

قَرَّر المُحقِقُ أنْ يأخُذَ قَليلولةً ..

بعدَ الظُّهرِ..

حتَّى يَسْتَجْمِعَ الأفكارَ و يربط الخُيوط معَ بعضِها البَعْض..

وكي يَكونَ قادراً على السَّهر ..

ليلاً ..حيثُ الهُدوء ..

يُساعِدُ على التَّركيزْ والتَّفكير ....

وأخْلَدَ إلى النَّوم ..

ثُمَّ استفاقَ على صَوتِ ..

أحدِ المُساعدين ..

يُناديه :

 حَضرةَ المُحَقِق ..

حَضرةَ المُحَقق ..

لقَد قَبَضنا على البَوّاب ..

قامَ المُحَقِقُ مِنَ السَّرير ِ..

وطلبَ فِنجاناً مِنَ القَهوةِ....

كَي يَكونَ في تمامِ وَعيهِ ..

ونظَرَ إلى البَوّاب ...

كانَ يُشبِهُ قَليلاً ..

المَرحومَ العَم سالِم ..

فكانَت أماراتُ الحُزنِ ..والأسى ..

وَالخوفِ باديةً عليهِ ..

وتقطيبةَ حاجِبينِ يَتَصارَعان ..

تارةً ..

وَيتَصالحانِ تارةً أخرى..

وسُحنَةٌ إخدودَتِ الأيامُ فيها ..

فحَفَرت بالطُّولِ وبالعَرْض ...

سألهُ المُحَقِق : ما اسمُك ؟ 

قال : إسمي إبراهيم ..

يُنادونَني بالعَمّ إبراهيم..يا سَيِّدي ( والنظرات تَجولُ يَميناً وشِمالاً كأنَّما تَمسحانِ الغرفةِ تَبحثُ عن منقذٍ يُنقِذُها )

المُحَقِق : حَسناً يا عَمّ إبراهيم ...

سَتَقول لي ُكلَّ شَيء ..

ولا داعي أن ُتخفي عَنِّي أيَّ شَيء ...

عَن عَلاقَتِك بالمَرحوم العَمّ سالِم ... وَبِالمَرحوم تامِر جَواد..

العَم إبراهيم : سَيِّدي ..العَم سالم ..

كانَت تَجمَعُني بهِ قرَابةٌ وَكنُت أحُبُّه ُوأدْعوهُ بينَ الفينةِ والأخرى ..

كي نَتَحَدَّثَ عن أيامِ القرَيةِ ..

وأيام ِ الشَّباب.. 

فقَد كانَ كِلانا نُحبُّ ..

نَفسَ الفتاة ..

ثُمَّ ما لبِثَ أن ابتَسَمَ العَمّ إبراهيم.. !!

المُحقِق : ..لماذا تبتَسِم؟؟

العَم إبراهيم :

 الفَتاةُ تَزوَّجَت شَخصاً ثالثاً ..

تَبَيَّنَ أنَّها تُحِبُّ ذلك الشَّخص ..

فكانَت خُصومَتنا ...فارغةً ...

وخَرَجَ كِلانا خاليَ الوِفاض .. 

أمّا السَيِّد تامِر..فَقَد كانَ عَطوفاً وَسخيّاً ..مَعي ..وَكنتُ أحُبُّه أيضاً ..وَلا أكُنُّ لهُ إلاّ كُلَّ خَير 

المُحَقِق : أنتَ كُنتَ أّوَّلَ من رأى القَتيلين كَيْف كانَ ذلك 

العَم إبراهيم : بعدَ أنْ تسامَرنا ..

أحْسَسْتُ بِالنُّعاس ..

لذلِك نِمتُ قبلَ العَم سالِم ..

الذي بقي بعدي يـُقلّب مَحطات التلفزيون ..

باحثاً عن أغنيةٍ قديمةٍ شعبيَّة ...

وَلم أعلم كَم نمتُ .

ثُمَّ تَوقَّفَ العَم إبراهيم 

المُحقِّق : ماذا ..ماذا حَصَل ؟

العم إبراهيم ( وهُوَ يَمُدُّ يَدَهُ إلى جَيبه ) : هَلْ تَسْمَحْ لي بِسيجارَة ؟ 

المُحَقِّق : ماذا سيجارة !! أنا لا أدَخِّن ...

العَم إبراهيم : أنا مَعيَ سَجائِري لا عَليك .

وفَتَحَ عُلبةَ السجائر المعدنيةَ التقليديَّةَ وصارَ يَلُفُّ سَيجارةً بِهدوء ويَختُمُها بِشيءٍ مِن لُعابِه بالكاد خَرجَ بعضُهُ ..

فقد جفَّ لخوفِهِ منَ التَّحقيق .. وأشْعَلَها ثُمَّ أهدى دائِرةً مِن الدُّخانِ نَحْوَ المُحقِّق ...

المُحقِّق : أووف ...ماهذا ..

أكمِل ثُمَّ ماذا 

العَم إبراهيم :

 إستيقَظتُ على صَوتٍ في الخارِج ..

فهَرعتُ إلى خارِجِ غرفتي ..وَلَمْ أتأكّد إن كانَ العَم سالم لازالَ نائِماً ..

وفي الخارِج سمِعتُ صَوتَ أقدامٍ مُغادِرَةٍ ..

وَعندَما وَصلتُ ..

كانَت الجُثَّتينِ هامِدتَينِ ...

والعمّ سالِم غارِقٌ في دَمِهِ [ وَهُنا أخذتِ العَمُّ إبراهيم العَبرَة ..فبَكى] وحاولَ أن يمسحَ دموعاً عَن مَشروعِ عيَنينِ . 

فقد غارتا ..

في الوجهِ وبالكاد تُريانِ

المُحَقِق : هَوِّن عليكَ يا عَم إبراهيم ..

إذهَب إلى غُرفَتِك ..

وغداً نُكمِل الكَلام ..

سَجّل المُحَقِق ملاحظاتِه على المُسجِّل الصَّغير ..

إلى أن صارَ مُنتَصف الليلِ ..

وَسادَ الهُدوء ..المُطبِق ..

خاصةً أنَّ الفيلا ..

خارِجَ المدينة

وقَفَ أمام الشُّباك. ..

تأمَّلَ وحدَّقَ ..

في الحَديقةِ..لمَحَ شَبحَ رَجُلٍ ضَخْم ..

يتَحَرَّك ..

فَرَكَ عَينيهِ جَيداً ..

لكِن كانَت هِي الحَقيقةَ ..

صاحَ المُحَقِق قِف عِندَك ...

من أنت ؟؟؟..لا تتحرَّك يا هذا 


يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سافرت نحوك....بقلم عيسى جرابا

قل لي يا قلم… كلمات الشاعر نافز ظاهر

اجازة... علاء، عطية علي