الضريبة... سالم عكروتي
الضريبة
_واحد ..... إثنان .... ،هكذا جمعت البنت الصغرى بين الوسطى والإبهام من يديها الصغيرتين ، نظرت إلى أبيها بعينين جميلتين فيهما براءة وحيرة و تساؤل
_ بابا هكذا مازال لرمضان .
ضمها إليه بحنان وافر ، حدق بعيدا عن عينيها ، حاول تحاشي نظراتها ، وتمتمات الأم الصامتة ، وخزات من الألم والقهر تسريان في أوصاله ، تتخلخل كل المفاهيم لديه ، يعتصره الحوج وضيق ذات اليد ، رمضان الكريم على بعد يومين، ركود وبؤس ينهشانه ، وصغار وأفواه وإنتظارات وحلم بمائدة تليق وإفطار شهي ، يتكسر على واقع مضن،
ظل الأب مطرقا ،ساد صمت رهيب إلا من ضحكات البنت ودعابات أخواتها ، خرج من البيت دون هدف، أم الطريق ، طريق مغبر ، موحش كأيامه ، إحتواه الفراغ فراغ الجيب وقلة الحيلة إلا من دعاء مسترسل لرب رحيم أن يأخذ بيده ويغنيه عن رهبة السؤال ، هو وجل الخلق ممن لفظهم الوطن وأرهقتهم الحكومات ،كانوا حطبا لثورة ولدت عقيمة ، إشتعلوا وصيروهم رمادا ، صادروا هتافاتهم وصراخهم وركضهم لغد أفضل وأمنيات بعيش كريم ، لتحلق غربان سود ، حجبت الشمس والنور ودكت آخر معاقل الكرامة ،
مازال يمشي متعب الخطا، كل المسارب يبست حوافيها ، الخضرة إستحالت عصفا ،الأرض الأرض صارت عاقرا ، الوطن الوطن تشوهت ملامحه ، أمننا فيه تحول خوفا من آت غريب لا يعلم سره ومنتهاه إلا الله.
طوح به الطريق ،غاب عن الأنظار ، أصبح نقطة في مدى ، وشوشات وهمسات ،ودموع حرى وأخبار تتجول ،أنه ذهب ولم يعد.............
سالم عكروتي (أبو عيسى) تونس
تعليقات
إرسال تعليق