قطار العمر...قصة صباح خلف عباس
قصة قصيرة ( قطار العمر ) صباح خلف عباس
=========. ==========. العراق
=============
مثل كل يوم نظرتُ في المرآة، ولكنني لم أرَ نفسي .. بل شخصا غيري أكثر سعادة مني .. والطف وأصغر مني كثيرا …
وقررت ُحينها ، وعلى نحو سريع أن أذهب الى ( مدينة الالعاب ) قررت أن أشعر بالسعادة اليوم وأنسى ( الستين ) عاماً من العمر بل أكثر ، وأن تكون هذه الليلة جيلاً كاملاً..
هذا أمر لم أخطط له من قبل .. ولكنها فكرة إكتسحتني وقررت القيام بها على الفور .
كان حلمي أن أدخل ( كهف الرعب ) ، وأركب ( سيارات التصادم ) .
دخلت ُالكهف أولآ لإنه بكل بساطة مظلم جدا ً.. ولن يراني أحد وأنا أصرخ كالأطفال ، وبأعلى الاصوات ، و أنزع خجلي هناك ٠
سار القطار سريعا في الطرقات المظلمة المتعرجة وقد مارست حق الطفولة كلها وامتزجت قهقهاتي العالية جدا مع عبث الأطفال ، وعندما خرجنا من العتمة الى الضوء بدأتُ أبحث عن مكان آخر أنزع فيه وقاري الستيني .
لبست شجاعة وطيش الأطفال وصعدت ب ( سيارات التصادم ) وافرغت مافي داخلي من عبث وثورة ٠
هذا أمر لايفهمه الكثيرون ، وكنت أنا أيضا لا أفهمه ، ولكن روحي المتقافزة اليوم تفهمه بجدية وتشعر بإنها أوسع من المحيط ، وأنا الآن في مكان ليس للكتاب فيه ولا الشعراء الحالمون مكانا ً.. فقلت مُحدثا نفسي :
—- إني مصاب بالخرف التام ..
الناس من حولي ينظرون بذهول وأستخفاف ، فصحت ُبهم :
— كفوا عن ملاحقتي بعيونكم البغيضة تلك ، فأنا في موسم الطفولة الآن .. هذه حياتي ، فأخرجوا منها ..
أنا المثقف ذو النظارة .. أُشاطر الأطفال عبثهم اليوم فقد فاتني ذلك سنين طويلة ،و أنا اليوم أفعلها وبإصرار .
نأيت ُبنفسي طويلاً عن الفرح .. وها أنا اليوم في اضخم تطور في حياتي ، أحاول الإفلات من شيخوختي .. متيقنا بأن الزمن سيلحق بنا .. وسيهزمنا وتتحطم القلوب يوما ً.. وعليّ أن أمارس السعادة فوراً وقبل فوات الأوان ، وأن لا أُبالي في كوني رجعت طفلاً ، لأني شعرت ُهذا الصباح وفي مرآتي بان هناك جزء مني غير مألوف بالنسبة لي ، وعليّ أن أمارس هذا الهروب الكبير جداً .. أريد أن أختفي بين الثلوج أو أصعد نحو السماء .
— هل هذا أنا ..؟؟؟
نعم هذا أنا الذي في المرآة ، ولقد رأيت ما اخترت رؤيته ، وما أحتجت أليه ..
— وما العيب في الطموح بالفرح ؟؟ أقنعت نفسي …
مدينة ( الالعاب ) هذه قد منحتني الحرية الكاملة أخيراً .. والعواقب الوخيمة ، وضياع الهيبة والشرف لن تمسك بي بعد الآن .. والقواعد ستُكّسر ..
شعور كبير بالرضا أشعر به ولأول مرة أحس بضوء المصابيح تتلون فوق وجهي وتمسح الشيب عن لحيتي ، وحركة الرياح تداعب شعري …
=====================================
تعليقات
إرسال تعليق