أمل على قيد الحياة....بقلم عبدالله محمد الحسن
........ // أمل على قيد الحياة // .......
قصة قصيرة....الجزء السابع
ساد الصمت أرجاء الحجرة بعد مغادرة أبي الفوارس
الى الحمام
جمعت أوراقي المبعثرة وقرأت بتمعن ماكتبت
خمول دب بأرجاء جسدي وخيوط الكرى تنسج شباكها بجفني وقد أحسست برغبة ملحة لأخذ قسط من الراحة
لكن ذلك الهاجس الذي يتملكني
جعلني أنفض غبار النعاس عن عيني
فكيف يستطيع الخلود إلى النوم
من تلسعه عقارب الساعة على أرصفة الإنتظار
نهضت من مضطجعي ورحت أفتش بهاتفي لعل هيام تكون قد أرسلت لي شيئا
وحقا دهشت بكلماتها التي تناثرت حروفها على صفحتي كحبات اللؤلؤ
مملوءة بأحر الأشواق
وقد ختمت كلماتها بدعاء رائع وصورة لها
بدت فيها بلباسها المحتشم
تأملت عينيها وكأنني اقرأ بهما حكايه الف ليلة وليلة
أي قدر جمع بين قلبين معذبين
إحساس رائع ونشوة تتملكني حتى أخمص قدمي
يقطع تفكيري من جديد صوت أبي الفوارس
خارجا من الحمام منكوش الشعر يرتدي شورت قصير
بدا أمامي بجسده النحيل وساقيه الرفيعتين
أضحكني منظره مناديا عامر اين الشاي
قلت ما بك تبدو كفزاعة الحقل
خمس دقائق وسيكون الأبريق جاهزا
قال وانا سأحضر دجاجة مشوية تناولنا طعام الغداء سوية وخلد أبي الفوارس الى النوم وعادت الأفكار من جديد
أمور كثيرة لابد من العمل بها
ها هي علاقتنا الطاهره النقية توضحت ووصلت الى فكرة الزواج
وعاد نور الأمل يسطع من جديد حتى سطع أسم هيام على شاشة هاتفي الذي راح يهتز بنغمة موسيقى هادئه
يشوبها شخير ابي الفوارس الذي يرقد على مقربة مني ألتقطت الهاتف بلا تردد وأتجهت الي الشرفة
يطرق مسامعي صوت هيام الذي يشع أملا ويتاجج شوقا قائلة أشتقت إليك
فهل لديك دواء للشوق عامر
قلت نعم
قالت وماهو ياشاعر الإحساس
قلت سيكون دوائي مجسدا ومرتبطا بإجازتي غدا
قالت ولم الإجازة
قلت للحصول على الدواء
قالت ضاحكة وماهو الدواء
قلت ذهابي إلى السفارة غدا للحصول على جواز سفر حتى أستطيع القدوم إليكم أيتها الغالية
أرتجفت الحروف مابين شفتيها وقالت متلعثمة
عامر صحيح ماتقوله أنا أنا سعيدة جدا
عامر أنت صادق ورائع
عامر أحبك جدا جدا
قلت هوني عليكي حبيبتي
فقد عاهدت الله عز وجل بيني وبين نفسي
بأن لا أكون إليك
وهاأنا أعاهدك الآن ويشهد الله على ماأقول بأنني سأبذل جهدي للوصول إليك مهما كلفني الأمر
قالت مقاطعة كلامي أنت أصدق رجل عرفته في الكون
وانا أعاهدك عامر بأنني على حبك باقية
وسأكون لك المرأة المخلصة التي تحفظ غياب زوجها والوفية التي تنتظر قدومه حتى الرمق الأخير
ثقتي بك عامر لا يمكن لحدود الكون أن تحتويها
أسعدتني كلماتها التي سقطت على فؤادي كما يسقط الغيث على الأرض العطشى
ولم يزدني ذلك إلا حبا وتعلقا بها وإصرارا على الفوز بتلك الدرة النادرة واستعادة هذا النصف الضائع من روحي
قالت مستفسرة
ماآخر كتاباتك عامر
قلت هي قصيدة شعرية أحاول متابعة نظمها
ومتابعة كتابة القصة التي أنتظر أحداثها
قالت لن أشغلك حبيبي
وتلك الأحداث التي تنتظرها
سأرويها لك مساءا بموعدنا المقدس
أستودعك الله حبيبي
سأشتاق إليك كثيرا
قلت برعاية الله
مر الوقت ثقيلا بطيئا ينبش من الذاكرة أفكارا مهترئة لا زالت بأوج صراعها مابين الحاضر والماضي
مقارنات
غصة
خيبة أمل
أشياء كثيرة لم أستطع إبعادها عن مخيلتي على وقع سمفونية شخير أبي الفوارس
لكن ذاك الموعد المقدس الذي يجمعني بهيام مساء كل ليلة
بات أملا ساطعا لا أنكر أنه كان سببا جذريا بانقلاب حياتي أربعا وعشرين درجة
تهيأت كعادتي لذاك الموعد المقدس على الشرفة بعد الساعة التاسعة مساءا
بعد أن أعددت أشياءي
جثمت على مقعدي الوحيد الذي بات بالنسبة لي جزءا هاما من حياتي اليومية
أمتص سيجارتي وأحتسي قدحا من الشاي
وأنا أرقب بعينين صامتتين أضواء الشارع الخافتة الباهتة المائلة للحمرة وسط ضجة المارة وقهقهة أحد الشباب القاطنين معي بنفس البيت
قطع كل شي رنين هاتفي
لكن المتصل ليس هيام
بل هو أحد زملاء العمل
بتلك الشركة التي فصلت منها أنا وعدد كبير من زملائي بسبب الإضراب الذي قمنا به بسبب تأخير الرواتب
يطلب مني العودة إلى العمل
ولم يكن لدي خيار آخر
فأنا بحاجة للمال ولم يزل أمامي وقت طويل
للحصول على جواز السفر والقيام بإجراءات السفر المكلفة
لم يكن أمامي سوى الموافقة
ياسبحان الله هاقد عدت الى العمل وغدا سأسعى للحصول على جواز السفر
أملا ونشاطا تسللا لأعمق أعماقي
لكن الحلم الوحيد الذي تجسد بصاحبة تلك الحروف الأربعة
هو الذي تملكني ولم يخلصني حتى من نفسي
هيام ها هي من جديد تشغل هاتفي بنغمته الحزينة
ليطرق مسامعي من جديد صوتها الخجول الحنون
بكلماته المتزنة الرقيقة مبتعدة عن كل ماهو مصطنع
وسط ضجة المارة وأصوات السيارات
تحدثنا بأمور كثيرة لكن ذلك الهاجس والفضول الذي يسكنني
لم يمنعني بتذكير هيام لتروي تتمة ماآلت بها الأحوال بعد خطبتها
تنهدت وقالت نعم عامر سأروي لك كل شيئ
ليس لتعلم فحسب ماعانيت
إنما لتعلم بإنك كنت تعيش في مخيلتي منذ ذلك الوقت بكل صفاتك التي أعشقها فيك قبل أن أراك
طالت خطبتي مع سيد المقيم بالسعودية بسبب العمل مايقارب العامين والذي لم أراه طيلة تلك الفترة ولم أعلم أي شيئ عن أخباره وأحواله إلا عن طريق رسائله التي كان يرسلها لأهله
وهم من كانوا يبلغوني عنه السلام
حتى ان معاملة زوجة أبي لي في الأونة الأخيرة
شهدت تغيرا ملحوظا نحو الأفضل فلم تعد تضايقني كماكانت
حتى أنها قالت لي ذات مرة عندما رأتني أقوم بإحدى الأعمال المنزلية دعي من يدك هيام فأنتي عندنا مجرد ضيفة
وماهي إلا أيام قلائل وسترحلين لبيت زوجك
فخطيبك سيد قادم من سفره بعد أيام ليتم زفافكما
لكن برغم كل ماتفعله زوجة ابي
لم يثر دهشتي واستغرابي
بل ولم تتغير حتى بنظري صورتها السيئة التي تركت إنطباعا لا تمحوه قسوة الدنيا بأكملها من ذاكرتي
فأم ملاك تلك المرأة القبطية التي عوضتني بشيئ من حنان الأم لم تنقطع زياراتي لها
ولم تبخل علي بنصائحها
عاد سيد من سفره
شيئ من الخوف تملكني واضطربت خوالج نفسي
وماهي إلا أيام قلائل وجدت نفسي بفستان الفرح
أزف إلى سيد الذي أجهل كل صفاته
أمشي بخطواتي المكسرة إلى ذلك العالم المجهول
وأنا لا أعلم من شخصية هذا الشاب الوسيم الذي غدا زوجي سوى معالم وجهه الجميلة
ترن في أذني نصائح أم ملاك دعوت الله في سري أن يكون ذا أخلاق حسنة أستطيع أن أقضي معه عمرا ينسيني مالاقيت عند زوجة أبي من معاملة سيئة
لكن كمايبدو تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
فبعد منتصف الليل بتلك الليلة الدامية
أستيقظت على نفسي ملقاة على الأرض تحيط بي وجوه عابسة مكفهرة ترمقني بأستغراب
واختي من بين تلك النسوة كانت ترش على وجهي الماء
حاولت النهوض على قدمي كي أقف فلم أستطع من ثقل في رأسي قلت ماذا جرى
لم أعي بعد أنني تعرضت لوحشية من قبل ذاك الزوج المحترم الذي أنتصب أمامي
ليوجه لي الطعنة الثانية
قائلا أسألي نفسك ياابنة الأكابر
تهكمت أحدى النسوة المحيطات بي بكلمات جارحة ولم يكن تلك النسوة إلا أمه وأخواته
قالت أختي ماذا تقصد
قال أختك ليست عذراءا يامحترمة
حالة من الإنهيار دفعتي إلى البكاء والصراخ وبدون أن أعي شيئا وقفت على قدمي كالمجنونة وبصقت في وجهه
صمتت هيام بينما صوت بكائها يطرق مسامعي
دموع ساخنة أحرقت مقلتي وغصة تحجرت في حنجرتي
ألتزمت الصمت تحت غيمة من الحزن وانا أرقب سكون الشارع بأنواره الخافتة الباهتة
وعاد صوت هيام متقطعا تشوبه زفرات وسط بكاءها المتواصل
هل علمت عامر بحجم الوجع التي تعانيه فتاة ليلة عرسها
بأن تتهم بشرفها وعفتها
كثر اللقط وسط بكائي وصراخي
لكن أختي برباطة جأشها وثقتها بي أشارت إليهم قائلة
إن هذا الليلة لن تمر على خير
حتى يتم عرضي أختي هيام على طبيبة مختصة ليتم الكشف عنها الآن
ولحسن الحظ أنهم يعرفون طبيبة نسائية تقيم بجوارهم
فقاموا بإحضارها
فطلبت منهم جميعا ان يحضروا عملية الكشف وتمت حقا بحضوره وحضور أمه واخواته
لكن الله بجوده وكرمه أثبت برائتي وألتفتت إليه الطبيبة قائلة ألا تخشى الله وأنت تتهم حرة بشرفها وعفتها وهي لم تزل عذراء
أطرق برأسه أرضا
وأحاطت بي أمه وأخواته يعانقنني ويعتذرن إلي محاولات إسكاتي لكنني تقدمت منه
وقد نبتت بأعمق أعماقي بذرة من الكره والحقد له
أنظر إلي جيدا
لن يشرفني أن أكون زوجة لحيوان مثلك
فانا أطلب الطلاق الآن
قلت مستغربا وهل تم الطلاق حقا
قالت ليته تم
لكن النصيب شاء أن بقيت زوجة لسيد بعد أن توجت ليلتنا ببذور الحقد والكراهية
وأجهشت هيام بالبكاء من جديد
لم أقطع عليها ماهي به
بل بقيت أسير الصمت وسط نحيبها وزفراتها المتقطعة
الى أن أحسست أنها هدأت قليلا
قلت هامسا هيام
قالت نعم
قلت هوني عليك حبيبتي مامضى فقد مضى
ولا تتكلمي أرجوك
قالت أعلم أنه مضى عامر
لكن يستحيل مسحه من ذاكرتي
سكون الليل الحزين وبكاء هيام
شعورا تسلل لأعماق وجداني ليوقظ وجعا غافيا من جديد
لكن برغم كل مايحدث لم يزل الأمل على قيد الحياة ....يتبع
بيروت ٢٠١٨/٧/٢٩
بقلم عبدالله محمد الحسن
قصة قصيرة....الجزء السابع
ساد الصمت أرجاء الحجرة بعد مغادرة أبي الفوارس
الى الحمام
جمعت أوراقي المبعثرة وقرأت بتمعن ماكتبت
خمول دب بأرجاء جسدي وخيوط الكرى تنسج شباكها بجفني وقد أحسست برغبة ملحة لأخذ قسط من الراحة
لكن ذلك الهاجس الذي يتملكني
جعلني أنفض غبار النعاس عن عيني
فكيف يستطيع الخلود إلى النوم
من تلسعه عقارب الساعة على أرصفة الإنتظار
نهضت من مضطجعي ورحت أفتش بهاتفي لعل هيام تكون قد أرسلت لي شيئا
وحقا دهشت بكلماتها التي تناثرت حروفها على صفحتي كحبات اللؤلؤ
مملوءة بأحر الأشواق
وقد ختمت كلماتها بدعاء رائع وصورة لها
بدت فيها بلباسها المحتشم
تأملت عينيها وكأنني اقرأ بهما حكايه الف ليلة وليلة
أي قدر جمع بين قلبين معذبين
إحساس رائع ونشوة تتملكني حتى أخمص قدمي
يقطع تفكيري من جديد صوت أبي الفوارس
خارجا من الحمام منكوش الشعر يرتدي شورت قصير
بدا أمامي بجسده النحيل وساقيه الرفيعتين
أضحكني منظره مناديا عامر اين الشاي
قلت ما بك تبدو كفزاعة الحقل
خمس دقائق وسيكون الأبريق جاهزا
قال وانا سأحضر دجاجة مشوية تناولنا طعام الغداء سوية وخلد أبي الفوارس الى النوم وعادت الأفكار من جديد
أمور كثيرة لابد من العمل بها
ها هي علاقتنا الطاهره النقية توضحت ووصلت الى فكرة الزواج
وعاد نور الأمل يسطع من جديد حتى سطع أسم هيام على شاشة هاتفي الذي راح يهتز بنغمة موسيقى هادئه
يشوبها شخير ابي الفوارس الذي يرقد على مقربة مني ألتقطت الهاتف بلا تردد وأتجهت الي الشرفة
يطرق مسامعي صوت هيام الذي يشع أملا ويتاجج شوقا قائلة أشتقت إليك
فهل لديك دواء للشوق عامر
قلت نعم
قالت وماهو ياشاعر الإحساس
قلت سيكون دوائي مجسدا ومرتبطا بإجازتي غدا
قالت ولم الإجازة
قلت للحصول على الدواء
قالت ضاحكة وماهو الدواء
قلت ذهابي إلى السفارة غدا للحصول على جواز سفر حتى أستطيع القدوم إليكم أيتها الغالية
أرتجفت الحروف مابين شفتيها وقالت متلعثمة
عامر صحيح ماتقوله أنا أنا سعيدة جدا
عامر أنت صادق ورائع
عامر أحبك جدا جدا
قلت هوني عليكي حبيبتي
فقد عاهدت الله عز وجل بيني وبين نفسي
بأن لا أكون إليك
وهاأنا أعاهدك الآن ويشهد الله على ماأقول بأنني سأبذل جهدي للوصول إليك مهما كلفني الأمر
قالت مقاطعة كلامي أنت أصدق رجل عرفته في الكون
وانا أعاهدك عامر بأنني على حبك باقية
وسأكون لك المرأة المخلصة التي تحفظ غياب زوجها والوفية التي تنتظر قدومه حتى الرمق الأخير
ثقتي بك عامر لا يمكن لحدود الكون أن تحتويها
أسعدتني كلماتها التي سقطت على فؤادي كما يسقط الغيث على الأرض العطشى
ولم يزدني ذلك إلا حبا وتعلقا بها وإصرارا على الفوز بتلك الدرة النادرة واستعادة هذا النصف الضائع من روحي
قالت مستفسرة
ماآخر كتاباتك عامر
قلت هي قصيدة شعرية أحاول متابعة نظمها
ومتابعة كتابة القصة التي أنتظر أحداثها
قالت لن أشغلك حبيبي
وتلك الأحداث التي تنتظرها
سأرويها لك مساءا بموعدنا المقدس
أستودعك الله حبيبي
سأشتاق إليك كثيرا
قلت برعاية الله
مر الوقت ثقيلا بطيئا ينبش من الذاكرة أفكارا مهترئة لا زالت بأوج صراعها مابين الحاضر والماضي
مقارنات
غصة
خيبة أمل
أشياء كثيرة لم أستطع إبعادها عن مخيلتي على وقع سمفونية شخير أبي الفوارس
لكن ذاك الموعد المقدس الذي يجمعني بهيام مساء كل ليلة
بات أملا ساطعا لا أنكر أنه كان سببا جذريا بانقلاب حياتي أربعا وعشرين درجة
تهيأت كعادتي لذاك الموعد المقدس على الشرفة بعد الساعة التاسعة مساءا
بعد أن أعددت أشياءي
جثمت على مقعدي الوحيد الذي بات بالنسبة لي جزءا هاما من حياتي اليومية
أمتص سيجارتي وأحتسي قدحا من الشاي
وأنا أرقب بعينين صامتتين أضواء الشارع الخافتة الباهتة المائلة للحمرة وسط ضجة المارة وقهقهة أحد الشباب القاطنين معي بنفس البيت
قطع كل شي رنين هاتفي
لكن المتصل ليس هيام
بل هو أحد زملاء العمل
بتلك الشركة التي فصلت منها أنا وعدد كبير من زملائي بسبب الإضراب الذي قمنا به بسبب تأخير الرواتب
يطلب مني العودة إلى العمل
ولم يكن لدي خيار آخر
فأنا بحاجة للمال ولم يزل أمامي وقت طويل
للحصول على جواز السفر والقيام بإجراءات السفر المكلفة
لم يكن أمامي سوى الموافقة
ياسبحان الله هاقد عدت الى العمل وغدا سأسعى للحصول على جواز السفر
أملا ونشاطا تسللا لأعمق أعماقي
لكن الحلم الوحيد الذي تجسد بصاحبة تلك الحروف الأربعة
هو الذي تملكني ولم يخلصني حتى من نفسي
هيام ها هي من جديد تشغل هاتفي بنغمته الحزينة
ليطرق مسامعي من جديد صوتها الخجول الحنون
بكلماته المتزنة الرقيقة مبتعدة عن كل ماهو مصطنع
وسط ضجة المارة وأصوات السيارات
تحدثنا بأمور كثيرة لكن ذلك الهاجس والفضول الذي يسكنني
لم يمنعني بتذكير هيام لتروي تتمة ماآلت بها الأحوال بعد خطبتها
تنهدت وقالت نعم عامر سأروي لك كل شيئ
ليس لتعلم فحسب ماعانيت
إنما لتعلم بإنك كنت تعيش في مخيلتي منذ ذلك الوقت بكل صفاتك التي أعشقها فيك قبل أن أراك
طالت خطبتي مع سيد المقيم بالسعودية بسبب العمل مايقارب العامين والذي لم أراه طيلة تلك الفترة ولم أعلم أي شيئ عن أخباره وأحواله إلا عن طريق رسائله التي كان يرسلها لأهله
وهم من كانوا يبلغوني عنه السلام
حتى ان معاملة زوجة أبي لي في الأونة الأخيرة
شهدت تغيرا ملحوظا نحو الأفضل فلم تعد تضايقني كماكانت
حتى أنها قالت لي ذات مرة عندما رأتني أقوم بإحدى الأعمال المنزلية دعي من يدك هيام فأنتي عندنا مجرد ضيفة
وماهي إلا أيام قلائل وسترحلين لبيت زوجك
فخطيبك سيد قادم من سفره بعد أيام ليتم زفافكما
لكن برغم كل ماتفعله زوجة ابي
لم يثر دهشتي واستغرابي
بل ولم تتغير حتى بنظري صورتها السيئة التي تركت إنطباعا لا تمحوه قسوة الدنيا بأكملها من ذاكرتي
فأم ملاك تلك المرأة القبطية التي عوضتني بشيئ من حنان الأم لم تنقطع زياراتي لها
ولم تبخل علي بنصائحها
عاد سيد من سفره
شيئ من الخوف تملكني واضطربت خوالج نفسي
وماهي إلا أيام قلائل وجدت نفسي بفستان الفرح
أزف إلى سيد الذي أجهل كل صفاته
أمشي بخطواتي المكسرة إلى ذلك العالم المجهول
وأنا لا أعلم من شخصية هذا الشاب الوسيم الذي غدا زوجي سوى معالم وجهه الجميلة
ترن في أذني نصائح أم ملاك دعوت الله في سري أن يكون ذا أخلاق حسنة أستطيع أن أقضي معه عمرا ينسيني مالاقيت عند زوجة أبي من معاملة سيئة
لكن كمايبدو تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
فبعد منتصف الليل بتلك الليلة الدامية
أستيقظت على نفسي ملقاة على الأرض تحيط بي وجوه عابسة مكفهرة ترمقني بأستغراب
واختي من بين تلك النسوة كانت ترش على وجهي الماء
حاولت النهوض على قدمي كي أقف فلم أستطع من ثقل في رأسي قلت ماذا جرى
لم أعي بعد أنني تعرضت لوحشية من قبل ذاك الزوج المحترم الذي أنتصب أمامي
ليوجه لي الطعنة الثانية
قائلا أسألي نفسك ياابنة الأكابر
تهكمت أحدى النسوة المحيطات بي بكلمات جارحة ولم يكن تلك النسوة إلا أمه وأخواته
قالت أختي ماذا تقصد
قال أختك ليست عذراءا يامحترمة
حالة من الإنهيار دفعتي إلى البكاء والصراخ وبدون أن أعي شيئا وقفت على قدمي كالمجنونة وبصقت في وجهه
صمتت هيام بينما صوت بكائها يطرق مسامعي
دموع ساخنة أحرقت مقلتي وغصة تحجرت في حنجرتي
ألتزمت الصمت تحت غيمة من الحزن وانا أرقب سكون الشارع بأنواره الخافتة الباهتة
وعاد صوت هيام متقطعا تشوبه زفرات وسط بكاءها المتواصل
هل علمت عامر بحجم الوجع التي تعانيه فتاة ليلة عرسها
بأن تتهم بشرفها وعفتها
كثر اللقط وسط بكائي وصراخي
لكن أختي برباطة جأشها وثقتها بي أشارت إليهم قائلة
إن هذا الليلة لن تمر على خير
حتى يتم عرضي أختي هيام على طبيبة مختصة ليتم الكشف عنها الآن
ولحسن الحظ أنهم يعرفون طبيبة نسائية تقيم بجوارهم
فقاموا بإحضارها
فطلبت منهم جميعا ان يحضروا عملية الكشف وتمت حقا بحضوره وحضور أمه واخواته
لكن الله بجوده وكرمه أثبت برائتي وألتفتت إليه الطبيبة قائلة ألا تخشى الله وأنت تتهم حرة بشرفها وعفتها وهي لم تزل عذراء
أطرق برأسه أرضا
وأحاطت بي أمه وأخواته يعانقنني ويعتذرن إلي محاولات إسكاتي لكنني تقدمت منه
وقد نبتت بأعمق أعماقي بذرة من الكره والحقد له
أنظر إلي جيدا
لن يشرفني أن أكون زوجة لحيوان مثلك
فانا أطلب الطلاق الآن
قلت مستغربا وهل تم الطلاق حقا
قالت ليته تم
لكن النصيب شاء أن بقيت زوجة لسيد بعد أن توجت ليلتنا ببذور الحقد والكراهية
وأجهشت هيام بالبكاء من جديد
لم أقطع عليها ماهي به
بل بقيت أسير الصمت وسط نحيبها وزفراتها المتقطعة
الى أن أحسست أنها هدأت قليلا
قلت هامسا هيام
قالت نعم
قلت هوني عليك حبيبتي مامضى فقد مضى
ولا تتكلمي أرجوك
قالت أعلم أنه مضى عامر
لكن يستحيل مسحه من ذاكرتي
سكون الليل الحزين وبكاء هيام
شعورا تسلل لأعماق وجداني ليوقظ وجعا غافيا من جديد
لكن برغم كل مايحدث لم يزل الأمل على قيد الحياة ....يتبع
بيروت ٢٠١٨/٧/٢٩
بقلم عبدالله محمد الحسن
تعليقات
إرسال تعليق