ثمن الحرية....المصطفى عبسي

 قصيدة بعنوان : **&  ثمن الحرية  &**


لم  أعانقك قط في الواقع

لكني حضنتك بما يكفي في الأحلام 

حتى توهمت أنك من نصيبي

و بقيت أتربص بحظي العاثر 

لعله يسعفني كي يتجدد لي بك الوصال 

و يتحقق معك كل منال

و نجيب معا عن كل سؤال

فيكف عن الخطايا من منا لها مرتكب

لأدرك في الأخير أن الرحم 

الذي أنتظر ولادة الفرج منه عقيم 

و أني كلما أكاد اقترب منك تبتعدين

و كلما ابتعدت عنك غصبا أضطرب و أكتئب

و أني أنفق عليك الكثير من حيث لا تحتسبين

فأجدني في عينيك بخيلا 

لا ترضين لك أن يحصل لي معك نسب


أما رأيت أني كلما فككت قيدا مبتغيا رضاك 

تطبقين على رقبتي بكل قواك 

و تقولين لي لهمومك سبب، أنت السبب

أما أدركت بعد أن بغيابك الطويل يتملكني الغضب

أخاصمني، لا هدنة و لا سلام و كأني معي في حرب عواقبها لا تحتسب

و ما أطلب سوى انعتاقا من ما أنا فيه منك فلا يستجاب لي ذا الطلب


إني أعشقك 

أقرئك الهيام

يا من أرى في عينيها السلام

و على يديها أتوخى خلاصي من الإنكسار و الإنهزام

إني أتنفسك 

أتطلع للقياك 

كي تفكي قيد قلب مفتاحه معطل

بلغ به الصدأ منتهاه و حل به عطب جلل

و تطفئي نار  يأس عمر حينا من الدهر 

أضاع شبابي و جعل طقوس يومي لوم للنفس و عتاب

و تمسحي عرق عشق من على جبيني يتصبب

و تفككي كل ذي حزب متآمر على عاشقك فما ينفعه الحسب

فيصبح عناقي لك واقعا و تلغى في عالمنا رفقتك الرتب

و عيشي في غياهب جبك العميق يصير مبتغى و نعم المكسب


لماذا كلما أطلعتك على وضعي 

تقدمين على وضعي 

داخل أحقر الصناديق و العلب

لأتفه الأسباب

فتضيقين الخناق عني 

فيشتد اختناقي 

و أصبح أتوخى الخير كي أتنفس في أضأل الثقب

و كلما سألتك عن حقوقي عليك 

تبقين سؤالي معلقا معي 

و تحرضين عني كل ذي صواب

و تساهمين بكل جهدك كي يختفي الجواب

فتخلقي لي إضافة لصعابي مزيدا من الصعاب


فلتطلقي سراحي إني أختنق 

رفقا بمن به علة و بحبك مكتو مكتئب

لا تشطبي علي من لائحة مزاياك 

و لا تنتظري مني عدولا عن موقفي

ما حدث يوما لمحب إذا دخل حرب عشق استسلم أو تملكه الهرب

ففي غيابك يعسر الحساب

و في وجودك كنه لا يتلذذه 

من لعشيرة الذل المستعبدين منتسب 

و كيانه مستلب

إن المتنكرين بقناعك 

مهما كان اجتهادهم، في امتحانك رسبوا

سأظل عاشقا لك 

منتظرا لك

باحثا عنك 

مهما تكاثرت و افترقت و ضاقت و تشابهت عني السبل 

و تكالبت علي الظروف و الكرب

ما بحثي عنك سوى عربون كرامة لنفسي 

و ما حبي لك حرام و لا ذنب


أنت لغة لو أتيت سلطانا لتكلمك العجم و العرب

أنت شعار لو كنت ذا جاه لضمنتك كل الخطب


في حقك سأكتب الشعر 

كلمات تلو الكلمات

من أجلك سأفك القيود

و أواصل النهوض 

بعد كل عثرة من العثرات


لأني أريدك أنت لا سواك  


في كنفك سيصبح لصمتي معنى 

و لكلامي وقع و لكياني وجود


و لن يهمني إن رأى الفضوليون في تشبتي بك عجبا


أنا على يقين أني سأجدك يوما 

في محراب الحب ناسكة

للقياي متعطشة متلهفة 

بتلابيب عشقي ماسكة


حينها سأحتاج  عمرا جديدا كي أعاصرك 


و لن أرضى لنفسي أن تظلم يوما أو تعذب.

و سأنصب نفسي باسمك عنك مدافعا 

و أنحت لك تمثالا بحريتي مرصعا

و كل صباح أحتسي بجانبه معك فنجان حرية

و أقول للعالمين لكل حريته من فرط فيها لاقى هوانا  و خرابا

و من دعى ربه لقاها كي يعيش عزيزا كان دعاؤه مستجابا

إن السماء لا تمطر حرية و إن كانت ملأى سحابا

فهل للماء أن صعد يوما جبلا

و هل لحبات القمح أن كانت يوما لذة للآكلين شرابا 

لحريتي كما لحريتك ثمن ثمنها إصرار كلما انكسرت زدت قوة و صلابة.


و إن للقصيدة علي حكم  أن أبقى صاحيا و الناس نياما ما أمتعه عذابا.


                               المصطفى عبسي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سافرت نحوك....بقلم عيسى جرابا

قل لي يا قلم… كلمات الشاعر نافز ظاهر

اجازة... علاء، عطية علي