حياتنا... فؤاد زاديكي

 حَيَاتُنا رِحْلَةُ اسْتِجْمَامٍ مُؤَقَّتَةٌ


بِقَلَم: فُؤَاد زَادِيكِى


الحَيَاةُ هِيَ رِحْلَةٌ قَصِيرَةٌ نَخُوضُهَا بَيْنَ أَمْوَاجِ الزَّمَانِ وَ نَسَائِمِ الأَمَاكِنِ. كُلُّ شَيْءٍ فِيهَا يَأْتِي وَ يَرْحَلُ، كَمَا تَتَعَاقَبُ فُصُولُ السَّنَةِ بَيْنَ صَيْفٍ دَافِئٍ وَ شِتَاءٍ بَارِدٍ. هَذِهِ الرِّحْلَةُ، الَّتِي نَحْيَاهَا لَا تَخْلُو مِنَ الفَرَحِ وَ الحُزْنِ، الأَمَلِ وَ الأَلَمِ.


يَجِبُ أَنْ نُدْرِكَ أَنَّ الوَقْتَ لَا يَنْتَظِرُ أَحَدًا، وَ أَنَّ الدَّقَائِقَ، الَّتِي تَمْضِي هِيَ كَسُحُبٍ تَجْرِي بِلا عَوْدَةٍ. لَكِنَّنَا نَمْلِكُ خِيَارًا فِي كَيْفِيَّةِ قَضَاءِ هَذِهِ الدَّقَائِقِ. فَيُمْكِنُنَا أَنْ نَحْيَا بِرُوحٍ مُتَفَائِلَةٍ وَ قَلْبٍ شَاكِرٍ.


إِنَّ الحَيَاةَ لَا تَقِيسُ النَّجَاحَ بِكَمِّيَّةِ المَالِ، الَّذِي نَجْمَعُهُ، وَ لَا بِعَدَدِ المَنَاصِبِ، الَّتِي نَصِلُ إِلَيْهَا، بَلْ تَقِيسُهُ بِقِيمَةِ الأَثَرِ الَّذِي نَتْرُكُهُ وَرَاءَنَا. هَلْ كُنَّا عَوْنًا لِلْآخَرِينَ؟ هَلْ نَثَرْنَا السَّعَادَةَ فِي طَرِيقِهِمْ؟


فِي كُلِّ يَوْمٍ تُشْرِقُ فِيهِ الشَّمْسُ، هُنَاكَ فُرْصَةٌ جَدِيدَةٌ لِنَجْعَلَ حَيَاتَنَا أَجْمَلَ. فَمَهْمَا كَانَتِ العَقَبَاتُ، الَّتِي تُوَاجِهُنَا، يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَذَكَّرَ أَنَّ هَذِهِ الرِّحْلَةَ مُؤَقَّتَةٌ.


النُّجُومُ فِي اللَّيْلِ تُذَكِّرُنَا أَنَّ الجَمَالَ قَابِعٌ فِي أَبْسَطِ الأَشْيَاءِ، وَ أَنَّ السَّعَادَةَ لَا تُشْتَرَى، بَلْ تُصْنَعُ بِأَيْدِينَا. عِنْدَمَا نَنْظُرُ إِلَى الوُرُودِ فِي الحُدَائِقِ، نُدْرِكُ أَنَّ الحَيَاةَ مَلِيئَةٌ بِالأَلْوَانِ، وَ لَكِنَّ الأَمْرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَيْفِيَّةِ نَظَرِنَا إِلَيْهَا.


فَلْنَعِشْ حَيَاتَنَا بِرُوحٍ تَتَطَلَّعُ إِلَى الأَفْضَلِ، وَ لْنَكُنْ كَالشَّمْسِ، نُضِيءُ الظَّلَامَ مِنْ حَوْلِنَا. إِذَا جَعَلْنَا كُلَّ يَوْمٍ يَمْرُّ فُرْصَةً جَدِيدَةً لِلْعَطَاءِ، سَتُصْبِحُ رِحْلَتُنَا ذِكْرَى جَمِيلَةً.


وَ فِي نِهَايَةِ هَذِهِ الرِّحْلَةِ، لَنْ يَبْقَى سِوَى الأَعْمَالِ الطَّيِّبَةِ، وَ الكَلِمَاتِ الحَسَنَةِ، وَ البَسَمَاتِ، الَّتِي زَرَعْنَاهَا فِي وُجُوهِ مَنْ حَوْلَنَا. فَلْنَجْعَلْ كُلَّ خَطْوَةٍ فِي رِحْلَتِنَا نَغْمَةً تُضِيفُ لَحْنًا جَمِيلًا إِلَى حَيَاتِنَا.


هَذِهِ هِيَ الحَيَاةُ، رِحْلَةُ اسْتِجْمَامٍ مُؤَقَّتَةٍ، فَلْنَجْعَلْهَا تَسْتَحِقُّ الذِّكْرَى.

المانيا في ٢٨ يناير ٢٥

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سافرت نحوك....بقلم عيسى جرابا

قل لي يا قلم… كلمات الشاعر نافز ظاهر

اجازة... علاء، عطية علي