الاشراق... فتحي الخريشا
. ۞ ٱلإِشْرَاقُ التَّاسِعُ ۞
فلينظرنَّ كُلٌّ مِصْبَاحَ ذاتِهِ الدُّرِّيِّ ثمَّ لتنظرنَّ يا أخي الإنسَان لماذا تحزن قلبَك لِمَناحةِ مأتمٍ بنكرَانِ الملكوت الأعلىٰ المُتجلبِب بخيمَةِ الخفاءِ المُتكوِّرَة تحت عِمَامَةِ الغَيْهَبَانِ تارَة وتارةً تكتئِبُ حُرقةً مِنْ تفجُّع أسىٰ برفض الوُجُود المادِيِّ المُتهالك لقبضَةِ الأفقِ المُظلمِ المنزلق لمهَاوِي الخُسْرَانِ وفي لُبِّك المِيزَان إنْ بالإخلاصِ تبصر وتُبْصرُون ★ هذا بيَانٌ للإتِّزَانِ لعلَّكُمْ تحبَرُون ★ ٱنظر شَجرَتك راسبَة في التُّرَابِ ثمَّ ٱنظر سِرَاجك الوهَّاجِ زيتهُ يَتَّقِدُ من جَفنةِ الطِّين ★ ثمَّ تغرق وأفئِدتُك عليك هواءً في سَوَخَانِ لِجَاجِ بَحرِ التناقضَاتِ تاركًا الأنواء كيفما شاءت تتقاذف سهمَ بُوصلتِك مُتلاعبة بشرَاعِ قاربِك وتشطح بٱختِيَالِ فخرٍ بأخيلةِ رأسِك من أنانِيَّةٍ إلى حيث أهواء مصَالِحِك المُتلاشِية على آثارِ الرِّحلةِ وفي واعيةِ عقلِك المِيزَان ★ هذا بيَانٌ للنُّضُوجِ لعلَّكُم ترشِدُون ★ لماذا تجيز لنفسك حين تقرِّر السُّجُود على عتبةِ الصّمدانِيِّ تحت قُبَّةِ الزُّهدِ وفي قوقعةِ الٱنقِطاعِ وأنت أبدًا لن تراهُ بكَمَالِ اليَقين ثمّ تتمدَّد مُستهزأ بالذي جعل السِّرَاج الزَّاهِر ضِيَاءً لرِيَاضِ الوُجُود المُثمر بمعاسلِ الشَّهدِ على شَجرَةِ الحيَاةِ أوليسَ في ذاتِك ما تراهُ قدَّامك لولا تنظر المرَايَا الجَلِّيَّة حول النُّورِ ★ ٱنظر السُّبْحة لا خرزات منظُومَة في خيطٍ يلتفُ حول العنقِ أو يتدلَّى̍ من بين الأنامِ وإنَّما بِسَاطُ كُلِّ وُجُودٍ فوق أمواجِ النُّورِ وآيَات الجَمَالِ ★ هذا بيَانٌ للٱسْتِيقاظِ من الغفلةِ كي لا تستكبرُوا يا ملأ التَّسَابِيحِ على بُسُطِ النَّسَاجِينَ ★ ثمَّ حين تؤُوب مُترقيًّا بحرِيَّةِ الصُّعودِ على مراقِي المادِيَّةِ مبجلا وَاقعِيَّةَ الوُجُودِ تحت دالِيَةِ العنبِ المتقطرة لكأسِك جودةَ الشَّرابِ المُعتقِ بحرارةِ فؤادِك لمائِدةِ الحرِيَّةِ تسخر بأزدراءٍ بالذي يَأوي آمًا نفسَهُ مطوفا برُكُوعٍ في حضَرةِ إلهٍ وأنت تعلم أنْ في الطَّبِيعةِ إعجاز وحدةٍ كاملةٍ لمظنونٍ وفي واعيتِك إنْ تبصر أجْنِحةَ المِيزَانِ ★ هذا بَيَان كيمَا تجهلُون ★ يا أخِي لعلَّك باخعٌ نفسَك ألَّا تقبضَ على النقِيضِين المُتضادِين ولأعلىٰ في سَلامِ مصَالحةٍ نوراءٍ لا ٱنفكاك لهَا عن سكينةِ الألفةِ فٱبصرْ صَفاءِ رُوحِك لقوِيمِ القِسْطاسِ ★ إنْ لفِي هذا بيَانُ الٱرتِقاءِ الأكملِ لجَمَالِ الإنسَان ★ إنَّك تعرفُ اللهَ فٱعبدهُ كيفمَا شئت مُتكأً شريعتك التي ٱخترتهَا من تأمُّلٍ أو تقلِيدٍ ولكن بصِدقِ محبَّةٍ أسلكْ مع السَّالكِين لذروةِ مراتبِ الٱرتِقاءِ ولِشذىٰ عبيرِ الحضَرةِ السَّبْحانِيَّة بالغا مكنونَ الأسرارِ الخفِيَّةِ حيث تجلياتِ الرُّوحِ تفيضُ بالمعارفِ المَلكُوتِيَّةِ اللّدانِيَّة ثم أصعد المنبر وهات كلَّ ما لديك في ٱختلافِ المراتبِ والمقاماتِ ومظاهر الإعجازِ الظَّاهرةِ مثبتا وجودَ اللهِ ووَحدَانِيَّتِهِ ولكن حين يبقىٰ بصرك على المرآةِ ولا تصير بين يدِي حضرة الإلهِ حقيقةً قدّامك معترفا بمحدوديَّتك لا تنكر على أخيك الإنسَان إلحادهُ أو تعددَ آلهتِهِ أو تغنصهُ ثمَّ تذكر معرفة الواقع الوجودِيِّ ورين الحُجُب التي تحيط آفاقك بالذي يتيقنهُ حقيقةً العقلُ الخالصِ ★ هذا بيانُ حُرَّة الٱعتِيَام لنفسٍ ترُومُ ناضِرِ الحُسَّان ★ ألآ لا تنسَ إِنَّ لِلَّهِ عالمهُ ولك عالمك وإنْ ٱمتزَجَتْ في المُقاناةِ والتمَاهِي الألوانُ ★ هذا بيَانُ وَضْح الٱنجِلاءِ للتنوِيرِ من تأَلُّقِ إشرَاقِ البَيانِ ★ ولا تجعلنَّ مِن المَاوِيَةِ التي تشاهد فيهَا اللهَ شمسًا حاضرَةً قدَّامك لِشاهِدِ حَقٍّ تَكُن لوافِيَةِ المنطِقِ بَئِيلا لمِن المُحسِّرِين ★ إنَّ ٱئتِلافَ الأثرِ وما تقصَّ ويقُصُّون الحرِيُّ لعاقلٍ غير مشوبٍ بِجِنَّةٍ أنْ لا يَمتح سطورًا لهُ من مَرَاقِمِ الأبَاطِيلِ ومن خيَالِ مُحتملٍ لفكرِ يَقينٍ يَتهطَّع على طوطم مُقدسٍ ونحو إلهٍ خَفِيرٍ ★ لأنّك إنْ تفعل فذلك حقٌّ لك بغير يَقِينٍ فلا تخرق المجهُول طولا لأنَّهُ غير قطعِيٍّ ولا أفضلِيَّة لك إِلَّا بِمَا تتجلّىٰ بنُورٍ لتقبل الآخرين ما أنبثقَ أيٍّ منهُمْ بشعاعٍ من مصدرِ يَنبُوعِ الضِّيَاء ★ ألآ لا تكن بِبَصَرَك على الظَّلمَاءِ كيمَا تكن من العُميَان الخَاسِرِينَ ★ ألآ إنَّ غايَة جوهركُمْ في الرِّحلةِ يَتجلّىٰ بوعي الحقائِق البَلْجَاء بين يدي الوَاقِعِ المُجنحُ في العليَاءِ وٱلتزامهَا بِإرَادَةِ حرِيَّةِ الٱختِيَارِ فهَلْ أنْتُمْ لصَفاءِ النقاوةِ لمِنَ الرَّاشِدِين ★ هذا بيَانٌ ألَّا تضلَّ ويَضلُّون من نوراءِ رِسَالةِ ٱلإِنْسَان ★.
من كتاب ٱلْرِّسَالةُ ٱلْنُّوْرَانِيَّة (سُمُوُّ ٱلْإِشْرَاقِ) لمؤلفه :
المهندس أبو أكبر فتحي الخريشا
( آدم )
تعليقات
إرسال تعليق