قهقة النوارس... سالم عكروتي
قهقهة النوارس
ص/ 162
أياما نلملمها شتاتا ، صبرا يحاكي مر السنين وأياما عاصفة وروح متهالكة تمخر عباب بحر الزمن بمجاديف الأمل والرجاء المنتظر ، المركب يتمايل في أقصى البحر المترامي الخيرات والخيبات ،النوارس السود تحلق فرادى وجماعت في علوها الفاخر تلحظ حركات السمكات على سطح البحر لتنقظ عليها بسقوط عجيب ، وتغنم غذاءها بعلم عليم ، إمتداد مهيب مسطح اليحر المترامي ،لا أثر لليابسة والمركب الصغير كنقطة ظئيلة في مربع الماء المالح الامتناهي الأطراف والحكايات ، البحارة على ظهر المركب يجهزون عدة العمل من طعم وصنار في حركة دائمة ودؤوبة خبروها وطوعوها تنساب سلسة متناغمة ،من القمرة يصلهم صوت الراديو بأغاني بدوية تطرب لها آذانهم وتزيدهم همة ونشاطا ،عم علي الريس المتمرس العنيد يعالج موجات التواصل مع رفقته من الرياس يتشاركون الفكرة والرأي عن مواقع الصيد و إحداثيات مواقع السمك الساكن ، ليلة رائعة الصنار في البحر يترصد فرائسه تموجات صغيرة مدغدغة يهتز لها المركب بلطلف وتمايل ، الكانون على ( الشابورة ) شرارات جمراته تنساب متتالية وبخار ذكي برائحة الشاي ينطلق من ( البراد) يذكي الأنوف ، في الداخل ،أين المطبخ، يحي يجهز طعام العشاء بصنوفه الذيذة الذكية ،نعم البحر معطاء جبار عنيد ،يجود علينا بالخير الوفير سمك طري شهي حبار وقرنيط وأنواع أخرى ، نطبخ منها ما إشتهينا ونرجو السلامة من غدر البحر وأنواءه المباغتة ، ألفة رائعة وجمع طيب ،هذا طاقم المركب ،بحارة متمرسون أقسموا عنادا وتحديا للبحر وللظروف القاسية المقيتة ولصراع أبدي وجودي ،ودفع بغيض من زمن وأيام وحال أرعن جائر ،رماهم وسط بحر وموج عال ليطعموا أفواه جائعة منتظرة في أعشاش اليتم والقهر والجوع ،نصارع ،نتحدى ، نواجه الموت والغرق مرات مع جبار ،مع الريح الغاضب ،مع الموج الغادر مع أحلام جميلة ويقضات مروعة ، أيتها الأرض الجميلة العطوفة متى نلامس أطرافك حيث نتزن وتثبت خطواتنا لنحتضن فجر وليد وشروق بطعم الأمان والإنتصار ،متى أيتها الروح المسافرة في ثنايا الحب والولع الممنوع ،متى تحملني موجاتك إلى مرافئك ،متى تومض إلي مناراتك و وترشدني إلى مدن الترف والنور والمجون الأعمى حيث الأزقة المعتمة وخمارات الهوى وسنين عمري وماضي إستودعته سري وجهري ،ورحلة جميلة رائعة ،تغريبة أخرى أزهرت بها جوانبي وأعشوشبت فصولي وها أنا على مسارب ولعي وعطشي أمشي جنوبا أطارد قلبي الهارب وتحت نعالي حصى وأسى وحكايات أخرى..........
سالم عكروتي ( أبو عيسى)
تعليقات
إرسال تعليق