الاشراق الثامن... فتحي الخريشا
. ۞ ٱلْإِشْرَاقُ الثّامِنُ ۞
ليكن لِمَنْ ٱرتضَىٰ دينًا لهُ ما ٱختارِ أو مذهبًا أو طائِفة أو طريقة لا تثريب ذلكُمْ من رُوحِ المُعتقدِ الإنسِيِّ حقا أكيدا لهُ أنْ لا نكيث ★ ألآ مَنْ لهُ سماعة أذنٍ فليسمع ومَن لهُ بَصر بصِيرَة فليُبصر إنَّ أكثر الدُّعاة على مدرجةِ الظهورِ ومنذ ما قبل أنْ يَجرىٰ القلمُ على الصَّحِيفةِ كان لقياهُم من الناسِ الأعراض والتكذيب بل صلبًا بالأربطةِ ذات المسامِيرِ صُلبوا وضربًا بالسَّيفِ قطعت أوصالهم وحرقا بنارٍ عذبُوا ورميًا بالرَّصَاصِ قتلوا ألآ وإنَّ ماروا بين ضياءٍ ونورٍ على خط أقطاب الكُرَةِ الحريُّ لا تكفير بٱضطهادٍ وتقتيل ★ ألآ ويا للسُّخريَّة من بعد زمنٍ ٱستوت دعواتهم في أعيُنِ كثيرٍ حتىٰ صَارت مأمًّا يتأمَّمُوهَا بالتقديسِ والتمجيدِ وتفرعت من ٱختلافٍ لمذاهبٍ وطرائِقٍ سِيّ حُرْشٍ لمُستطابَةِ الماشِية وأزقةٍ لباثقِ محلَّاتٍ بشِعابِهَا يصعب ٱحصاؤها ولكلٍّ منها لمّا طغت بالقُوّة أتباعًا عبيدًا بتعصبٍ لهَا على الأغيارِ بنيرانِ إِحَنٍ يَنفثون ★ ٱنظروا هذا الزَّمان ومِن قبلٍ كَمْ من مُدعٍ للألوهِيَّة والنُّبُوة من لدن الغيب لا شك أنَّكُم تبهَرُونَ ★ ثمَّ ٱنظروا كلٌّ يَدعي الحقَّ لنفسِهِ والباطلُ على الجميع أسواء الذي ختمَ رسالتهُ حكرًا لهُ تحسبًا أنْ تقبضهُ الرِّيح للتلاشِي ومنعًا للٱرتِقاءِ على سُلَّمِ الصُّعود والتجديد صورةً لعضل الٱرتقاء لقمقمِ التقيدِ عن مواكبةِ المسير وسيِّ الذين قالوا الجَنَّة لنا وعلى الآخرين اللَّعنة للجَحِيم ★ ختمُ نبوةٍ صار لغبراءِ طاحنةٍ فهل تحطمت أغلالهَا بمعنىٰ البداية للأوَّل والنهاية للأخر على مرقاةِ الأفضلِ والذي يمهر الأسماءَ وما تدور إذ تدور إلّا في دائِرَةِ ألَّا تغزوها العبثيَّةُ وكان أكثرُ الناسِ عن الحصنِ المنيعِ على ظاهرِ تفسيرٍ وجمودِ تأويلٍ ★ لأُمِّ كتابِهِمْ رسول واحد صاحبُ الرِّسالةِ والذين من بعدِهِ على طومارهِ منهُ بطوامِيرٍ أنبياءً لا رُسلا أنْ كفاهُم تترى على ذاتِ الدَّربِ فلتغلق بخاتمةٍ الأبواب فما هُم وأنْ تلقبُوا بالرُّسِل إلّا وحسبهُم مُجدِّدُون ★ وهكذا من جذبٍ وتنافرٍ اِنشققتم على أنفسِكُم ولم تدركُوا كُنْهَ سِرِّ إنسَانِكُم وكثير يَنتظر رجعة غائِبٍ وظهور مُنتظرٍ وقدومَ مخلصٍ وكلما جاء من أقصاكم داعيا للحقِّ بنُصحٍ أمينٍ كذبتمُوهُ بٱضطِهَادٍ دون تمحيصٍ ديدنُ النَّاس وإن تأنقوا على بِسّاطٍ وَثِيرٍ ★ ذلكُم الضَّعْف والتَّناقض وتفور الإنانِيَّة من خبلةِ التَّعصبِ لِمّا بين أيدِيكُم إنْ على غثٍّ أو سمِينٍ ★ وما الجمُّ الغفِير إلَّا أتباعُ الدِّينارِ وتحدوهُم العصا وراء الذي عليهم بصولجانٍ كما الدَّواب بأوهاقٍ أسفا عليهم فهلْ مِن حسرَةٍ على الذين بعماوةٍ على الأثرِ يَتسَابقون ★ الحرَيُّ الأنفُسُ لأدبِ التهذِيبِ ولياقةِ الجرَاءةِ والحريُّ أنتُم بأجنحةٍ أشدَّ من أجنُحِ العِقبَانِ لأعالِي ذات الإِنْسَانِ ★ ألآ ومن الناسِ كثيرٌ مُصدقٌ بتعنُّتٍ بمَا آمنَ بِهِ ومكذبٌ غيرَهُ بمقتٍ لفسخ عقد الألفةِ إذ يدفعُون الٱجتِماع لمحمُومِ صِرَاعاتِ أديُنٍ وطوائِفٍ ومذاهبٍ وعقائِدٍ وأفكارٍ لا تنتهي حِشْنة تدافعها لهَاوِيَة التبَابِ ★ ألآ لو إنَّهُم بِنُورِ واعية التفكرِ لوجدُوا خلاصَهُمْ بوحدةِ ٱلْإِنْسَانِ في إنسانِيَّتِهِ وكذا بحريَّة الٱعتقادِ مَا لمْ يُوقعُوا الضّررَ ومن مقيتِ تعصبٍ يَفتكُ بالآخرِينَ ★ أنتم إخوتِي وأنا أخ لكُم ولا أقول إلّا الحقَّ فالماءُ ماءٌ والسَّرابُ سرابٌ وما التكهن واللامعقول والمجهُول ليقين معرفة وحقّ عرفانٍ وما الضِّيَاءُ بظلامٍ وما الشَّاهدُ كالغائِبِ وما البشريُّ صنو الإنسَان ★ أرفض العُبُودةَ والظَّلم ولي كما لكُمْ من ٱلْإِنْسِيَّةِ النُّورَانِيَّة حُرَّةُ إرادةٍ ونِعمةُ حياَةٍ وأبداً أنا علىٰ مِرقاةِ الإنسَانِ الأسمىٰ من الميزانِ النُّورانِيِّ وزنتي وكذلك بالحرِيِّ أنتم تفعلون لسُمُوِّ ذات كلٍّ منكُم لِوحدةِ وسَلام البشريّة وللرِّفعةً لمرتبةِ الإنسَانِيَّة من القشرِ للُّبِّ فحبرةُ الطُّوباءِ للذين بالإنْسِيَّة هُمُ المُؤْمِنُونَ ★ ألآ الحقّ أقولُ لكُم لن تكُون لكُمُ الوحدة الكليَّة الدائِمَة في شموليَّةِ الرِّفد الذي لا ينفد ما لمْ يكن عناق الجميع بنُورانِيَّةِ ٱحترام حريَّة الفردِ والجماعات برحمَةِ الرّضاءِ وخالص التسامح ★ ليس لأحدكُم أنْ يفرض رأيهُ على الآخرِ بل يُظهرهُ بلطفٍ ووقار داعيًا لمَحاسِنِ ما بين يدِيهِ بالمحبّة والحِكْمةِ دون تضليلٍ وإجبار وقيود لأذىٰ ودون جرائِمٍ من تكفيرٍ وٱعتِداءٍ ★ فلن تنالوا وحدتكم إلَّا بالعناقِ العظِيمِ حين للجميع حريَّة ٱعتِناق ما يشاؤُون وممارسة طقوس عقائدِهِم ومذاهبهِمْ دون تعصب لأضرار وأسقام من مخاوفٍ وحين الإنسَانِيَّة تصير فوق الكلِّ قبابًا لحقيقةِ التنوير ★ ولتعلمُوا بٱنصَافٍ إنَّ المؤمن بالإلهِ والمؤمن بعدمهِ كلاهُما لهُ ميولهُ العاطفيِّ المؤيد بالحِجَّجِ والبراهِين الغير مباشرةٍ ولا بدَّ من التقائِهِما على دربِ ٱحترامِ وجدان المشاعر وتوقير وعي العقل لمشيئة كلٍّ منهُما قِطافا من ثمارِ ذات الشَّجرَةِ الإنسَانِيَّةِ بماجدةِ حريّةِ الٱختِيَارِ ★ ألآ قد آن الأوان لإسقاط المظَّاهر الترابِيَّة الظلمانِيَّة وعناق الجَوهَر السَّنِي فبالأمثلِ اللّذان على طرفي نقيضٍ لا يتحشدا كل لطريقٍ مُضَادٍ بالكراهيَّة والنبذ والخلاف بل معًا بالألفةِ والمحبَّةِ على الصِّراطِ الواحدِ للإنسان ★ يدًا بيدٍ هُما أخوان تظلهما سدرة اللِّقاءِ في ظلال ألطاف الحبور إذ نخبهما وَاحد من فيض الجواهر النورانِيَّة على مائِدةِ المحقلة ذات قطيفِ الثمرٍ النضِيجٍ بمحبَّة الٱجْتِماع ★ ألآ إنَّ المادِيّ والرُّوحانِيّ نسختان لنسخةٍ واحدة يلتقيان حين التسامق في ظلالِ الطَاقةِ النورانِيّة لا كخطِين متقاطعِين لكلٍّ وجهةٍ أو متوازيين كلّ منهما على طرفِ في المسارِ بل علىٰ نفسِ الخطِ لذات النقطةِ بذات النسغ يَتحدان ★ تلك وزنةُ السُّموِّ الأعلىٰ لِأساس بناء الوحدةِ الحقانِيَّةِ فلا بدَّ وأنْ تُرسىٰ بثبَاتٍ راسِخٍ كي يَصير البُنيَانُ ولا أمتن ★.
من كتاب الرِّسَالةُ النُّورَانِيَّةُ ( سُمُوُّ الإشرَاقِ ) لمؤلفه :
المهندس أبو أكبر فتحي الخريشا
( آدم )
تعليقات
إرسال تعليق