يد الريح... مصطفى الحاج حسين

 * يَدُ الرِّيحِ.. 


    أحاسيس: مصطفى الحاج حسين. 


               

أَتَحَلَّقُ حَولَ عُزلَتِي

أَستَأنِسُ بِالذّكرَيَاتِ

أَحَدِّثُ مَن لَا يَسمَعُنِي

وَأَرُدُّ على أسئِلَةٍ

لَم يُرسِلْهَا أَحَدٌ إلَيَّ

أُمضِي جُلَّ وَقتِي

وَأَنَا أُحَاوِلُ أَن أُبَدِّدَ الوَقتَ

لَا وَقتَ عِندِي

لِأَعِيشَ مُستَمتِعَاً بِهذَا الوَقتِ

لِأَنَّ حَيَاتِي وَرَقَةٌ صَفرَاءُ

عَبَثَت فِيهَا يَدُ الرّيحِ البَلهَاءِ

أَينَ مَن كُنتُهُ يَومَ كَانَ

لِوُجُودِي مَعنَىً وَحُضُورُ؟! 

لَا أثَرَ أَجِدُهُ يَدُلُّ عَلَيَّ

سِوى خَيَالَاتٍ لَا تَنمَسِكُ

لِأوقِفَها وَأَحتَضِنَها

وَأَسأَلَها عَن حَقِيقَةِ مَا تَقُولُهُ عَنِّي

ثَرثَرَةُ الذِّكرَيَاتِ

هَل أنَا العَاشِقُ الذَي

خَانَتهُ حَبِيبَتُهُ مَعَ مِرآتِهَا؟! 

وَظَلَّت تُقفِلُ عَلَى أُنُوثَتِهَا

لِحَدِّ التَّصَحُّرِ!! 

وَكَانَت قَصَائِدِي أَحصِنَةً 

تَمتَطِيهَا فِي سَاحَاتِ التَّبختُرِ  وَالخُيَلاءِ

إِنِّي أُعلِنُ اعتِذَارِي مِنَ الكَلِمَاتِ 

الّتِي نَسَجتُهَا مِن لَهفَتِي وَحَنِينِي

أَعتَذِرُ مِن قَلبِي الّذِي أَذَقتُهُ الذَّلَّ

وَمِنَ رُوحِي الّتِي مَرَّغتُ فَضَاءَها

بِوَحلِ النَّجوَى وَالتَّبَتُّلِ 

مَا كَانَ عَلَيَّ أَن أَتَنَازَلَ

عَن عَرشِ الكِبرِيَاءِ

حَتَّى لَو كَانَت تَسكُنُ عُنقَها النُّجِومُ

وَيَخضَعُ الفَضَاءُ لِعِطرِ نَهدَيهَا

وَيَحمِلُ لَهَا القَمَرُ حَقِيبَتَهَا الجِلْديَّةَ

ويصب لهَا النَّدَى مِن إِبرِيقِ النٌورِ

لِتَغتَسِلَ بِعَسَلِ الفَجرِ

مَا كَانَ عَلَيَّ أَن أُغَامِرَ بِالأَبجَدِّيَةِ

وَأَرمِيهَا كَوَردَةٍ

إلى أعَالِي شُرُفَاتِهَا

حَتَّى وَإن كَانَت نَافِذَتُهَا

مِن أَرِيجِ الهَمَسَاتِ

وَبَيتُهَا من صَلصَلِ اللَهفَةِ

كَانَ عَلَيَّ أَن أُرفِقَ بِدَمعِ جُنُونِي

وَأَن أُشفِقَ عَلَى ثُغَاءِ أصَابِعِي

وَهِيَ تكتبُ جَمرَ لَوعَتِي

وَتَذرُفُ صَرَخَاتِ مَوتِي

أنَا الآنَ أَكرَهُكَ يَا حُبُّ

سَأُقفِلُ عَلَى جَمِيعِ مَسَامَاتِي

سَأُغلِقُ عَلَى بَسَاتِينِ دَمِي

سَأُغمِضُ عُيُونَ رُوحِي

وَسَأُكَمِّمُ نَبَضَاتِ قَلبِي

وَسَأُسَيُّجُ بِحَارَ رَغَبَاتِي

لَن أُصغَي إليكَ أَبَدَاً

وَلَن آكُلَ مِن تِلكَ الشّجَرَةِ

مَهمَا جَاعَ صَمتِي

وَاحتَجَّت عَلَيَّ اختِنَاقَاتِي.*


       مصطفى الحاج حسين. 

               إسطنبول

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سافرت نحوك....بقلم عيسى جرابا

قل لي يا قلم… كلمات الشاعر نافز ظاهر

اجازة... علاء، عطية علي