تذكرة حب لبلادي... مصطفى الحاج حسين
* تذكرةُ حبٍّ لبلادي..
وأنا أشربُ ثمالةَ ذاكرتي
استوقفَني الموتُ
فتَّشَ لساني عمَّا يُخفيهِ
من كَرَبِ الصّمتِ
همسَ لاشتعالِ دمعتي
تمسَّكي بِبُردَتي السّوداءِ
ولا تجفلي من شفاهي
حينَ أغرزُ شهوتي بملحِكِ
سترحلينَ معي
إلى أحشاءِ البرزخِ
وهناكَ ستزفُّكِ الملائكةُ
عروسَ السّرمدِ
أشربُ من دمِ ضحكتي
أرفعُ كأسي نخبَ العدمِ
وأقارعُ أحصنةَ الغيابِ
تختفي البلادُ
لا ألمسُ شمسَها
لا أبصرُ رائحتَها
لا أشتمُّ ماءَها
ولا أُدفَنُ في بياضِها
وأنا ملقىً في جوفِ الهباءِ
أتذكرُ ضفائرَ النّدى
كانت تدغدغُ الأشجارَ
فتثمرُ الطُّرقاتُ بالأقمارِ
وعصافيرِ القُبلِ
أنامُ في قفلِ البابِ
والبابُ موصدٌ على جهنَّمَ
وأنا سأخالفُ تعاليمَ المفتاحِ
وأرسلُ تذكرةَ حبٍّ لبلادي
مَن طوَّقَ البلادَ بالضغينةِ والبغضاءِ؟!
وأطلقَ في أرجائها
عنانَ الخراب؟!
مَن تآمرَ على مجدِها الأغرِّ؟!
مَن حاكَ حولَ روحِها الهلاكَ؟!
كانت بلادي شمعةً
تنيرُ للزمانِ دربَهُ
كانت نسمةً تهفهفُ
بوجهِ الياسمينِ
هي رحيقُ النّورِ
سوسنةُ البهاءِ
عطرُ الخليقةِ
جوهرةُ الكونِ
بلادي شهقةُ الأفلاكِ
نجمةُ النّبضِ
هي غفوةُ الأمطارِ
واستراحةُ للملائكةِ حينَ يتعبونَ
بلادي مليكةُ الأزلِ
ومملكةُ الأبدِ
كانت تسقي السّماءَ
من حليبِ خضرتِها
وتطعمُ ظلَّها للصدى
وتمسحُ عن صدرِنا
طبقاتِ الاختناقِ.*
مصطفى الحاج حسين .
إسطنبول
تعليقات
إرسال تعليق