مشاعر متقاطعة.... راوية شعيبي
مشاعر متقاطعة
راوية شعيبي
ـــــــــــــــــــــــــــ
يا قلبي المفروش
كحبات قمح
يقتات منها عصفور جائع
ما كان يضر...
لو لم تتخل عنك السنابل...
با قلبي المتهاطل من سماء الصبر
ما كان ضر العيون
لو لم تذرفك مطرا
أنت كأسي المكسورة
و الجراح تحيط بك
ظلال بوح...
أنت مرّي المسكوب
على كف مفتوحة للغيم...
زرعوك في وعودهم القاحلة
و أنبتوك في فجر خداع ضاحك..
رسموا الحفر
في الطريق التي مشيتها حافيا
و علقوا على صدر الخطيئة
قمرا زائفا...
عروا ليلك من الأحلام الدافئة
و ألبسوك نجومه النازفة ...
حين نطقت من تحت جلدي الدماء
صرخت ملء حنجرتي لقلب يهوى القمار بشعوري...
يساير الدموع في مجرى خنوعي ...
.يا للغة الحمقاء التي تنطق حروفها من حبال صمتية...
تعمدت الإحتراق بك
و جعلتك ثقاب بهجتي
فلم أطفأتني ...
شطبت من قاموسي لغة الماء
و تكلمت ألفاظ النار لأدخنّك حرفا حرفا
أنا التي احترفت الهروب من غليان الذاكرة
كيف جعلت جمجمتي مرمدة قلقك ؟
كيف نفثت الصمت من فمي حين
تركتني أواجه ريح الغياب وحدي
و لا أجدك ...
يا رجلا لم يستعد بعد عافيته العاطفية
أقول لك من ضفة الأحزان التي تسكنني
إنّي....كالبحر ...
أبتلع الوجع
ثم أخيط الجروح بمفردي ...
حين تشقني سفن الرحيل ...
مثله تماما لا أبواب مغلقة لدي
و لا أكمام في فمي
جلدي بكاء
فكيف سيعرف العابرون بالنسيان
أنّي كتمت ذاكرتي ...
حين غابوا و ارتديت وجه السماء ...
أنصت إلى موجي الممتلئ بالظلال
و أغلقت أذني عن صراخ النوارس
اغتسلت بملحي حين دعتهم الشواطئ
إلى وجهة غير بللي...
و حدثت المرافئ عنهم
حين غدوت ملء لحمي ثقوب ...
يا قطعة من وجعي ...
يا بوح الحروف و سكين الجروح
أحبك بحدّ صمت و أبعد ممّا يقوله البوح...
لم أعلن عليك الهجر
لكنّي تساءلت عن سر هذا الفراغ الرهيب
تحوم بي الذاكرة في ملكوت الوجع منفردة بأجنحة من غضب
أوّد لو أقطع هذا الصمت الطويل بيننا و أخبرك بما يحزنني:
أن تظل هكذا وحيدا
تراقب عمر الزهور
الذي يتسارع ذبوله
كدقات قلبك لحظة الرحيل ...
أن تبحث عن رأسك في ضفة أخرى
و في كل خطوة تسقط فكرة ...تلغي حلما
و تضحك أنت ملء فمه من تشابك لم يخطر ببال الطبيعة و لا الأفلاك ...
بعد أبي صار الشاي لا لون له و لا رائحة
مذ تحول الحب إلى بقايا ذاكرة ...
لا يحزنني الغياب بقدر ما تجرحني ذاكرتي الحادة ...
هكذا تعود القلب على ترتيب الجراح حسب أبجدية الخوف
من أن يفتح صفحة جديدة و لا يجد إلا الفراغ ...
أحلامنا معا كذبتنا الحلوة فلا تخبرني عن ألمك
حين طعنتني بالغياب دون رأفة ...
لو كان صدرك ينبض بقلبي لعرفت أن حزني
في بعدك أكبر من أن يكتب أو يقال ...
بحثت عن توأمي فلم أجد إلا المرآة تقلدني بكاتم الصوت ...
قلبي الذي تبحث عنه لدى امرأة أخرى ...لم يخلق منه اثنان ...
أنا النقطة التي تفر منها في دائرة غضبك
و لا تستريح إلا حين تعودها...
أنا القصيدة التي حاولت سرقتها أقلام أخرى ...
و عادت إلي حين لم يستقر في حلقها حرف ...
تعليقات
إرسال تعليق